لا تتركوا سوى بصماتكم

يعود انطلاق (جائزة أبها) إلى مطلع التسعينات الهجرية – تحديدا منذ عام 1393هـ – واصلت الجائزة مسيرتها دون توقف.. قرابة أربعين عاما، ساهمت خلالها الجائزة بـ”جهد ملموس في دفع عجلة التنمية في منطقة عسير، وتشجيع الإبداع الأدبي والفني، والإنتاج المعرفي، والجهد البحثي، وتقدير المتميزين” – في عسير وخارجها..

لماذا نجحت جائزة أبها، واستمرت طيلة هذه العقود من الزمن؟
اطرح هذا السؤال على نفسك، ابحث عن الإجابة كي تصل إلى الغاية التي ننشدها، ونبحث عنها دوما وننادي بتكريسها..
أن يصبح العمل مؤسساتيا يرتهن للوائح والأنظمة.. لا يتأثر بالأشخاص، ولا يرتهن لبقائهم، سواء تقاعد، أو استقال.. أو توفاه الله.. أو تم إعفاؤه من منصبه، أو تم نقله، بقوا أم رحلوا.. حضروا أم غابوا.. العمل مؤسس ولا يتأثر برحيل أحد مهما كان..
نجحت جائزة أبها لأنها لم ترتبط بالشخص.. بل بالمكان ..

كثيرة هي المهرجانات والجوائز التي تبدأ قوية وتحظى بالتصفيق، ثم يتم إلغاؤها، وتصبح مجرد ذكرى بمغادرة الداعم والراعي الرئيس لها..
هذه طبيعة الحياة، الأشخاص راحلون والمكان باق.. والدليل حينما غادر الأمير “خالد الفيصل” منطقة عسير قبل سنوات لم تمت الجائزة بل استمرت، الأسبوع الماضي أقامت حفلها السنوي.

السبب الثاني المهم، أن الأمير “فيصل بن خالد” أمير منطقة عسير، رعى الجائزة، وقام بدعمها، وتطويرها.. ولو لم يكن رجلًا فاضلا، نبيلا، واثقًا، لقام بطمس كل ما وجد أمامه، وقام بكتابة تاريخ الجائزة من جديد.. هو هكذا أتصوره من خلال لقاءاتي النادرة به، سيترك عسير يومًا ما، وقد ترك خلفه تظاهرة ثقافية منافسة ومؤثرة..

وضع “خالد الفيصل” بصمته ومضى.. ووضع “فيصل بن خالد” بصمته وسيمضي.. هذا هو عنوان النجاح الحقيقي..
أملي الكبير، أن ترتبط الجوائز والمهرجانات بالأماكن، لا الأشخاص.. فلنجعلها عملًا مؤسسيا له اسمه، وشخصيته المستقلة، وموارده الثابتة..
اربطوه بالمكان.. المكان وحده.. ولا تتركوا خلفكم سوى بصماتكم..

صالح الشيحي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *