ستر القاضي «بمشلحين»!

يقال إن القاضي في دول الغرب والشرق (وتحديدا اليابان) يستطيع الدخول إلى أي بنك وأخذ أي مبلغ يريده لتصريف احتياجاته الخاصة.
وما هذا الإجراء إلا صون لكرامة وعفة القاضي من الاحتياجات المادية.
وهذا التصرف الحضاري المتقدم تنبه له عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقال جملته المنيرة:
– إذا أعطيتم فاغنوا.

وهي جملة زود بها عماله على الأمصار حينما طلب منهم البحث عن رجال صالحين واستعمالهم في القضاء، وقد حملت وصيته قاعدة غالية الثمن بأن يوسع العمال رزق القضاة، وأن يكفوهم من مال الله ليكون لهم قوة وعليهم حجة.
وهذه النظرة الثاقبة كشفت عما يمكن أن يعتري القاضي من احتياجات، وإذا كان محاصرا بها يهتز ميزان العدالة، فيميل القاضي حيث تميل مصلحته واحتياجاته.

ونحن كمجتمع نظن أن (سلم) رواتب القضاة يحقق وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه…كنا نظن ذلك!
إلا أن الواقع يبرهن عكس ما كنا نظن، فالقضاة ليس لهم بدل سكن أو علاج، وهذان الأمران هما معضلة كل موظفي الدولة، ومع ذلك لا بد من تميز القضاة في الرزق.

فهناك قضايا بمئات الملايين تعرض على القضاة؛ ولأن القاضي إنسان تعتريه النوازع البشرية، وإذا كانت احتياجات القاضي أدنى -كثيرا- مما يحصل عليه من دخل عندها تكون نوافذ الحاجة مشرعة.

حسنا، لنضرب مثالا بموظف في شركة خاصة يحصل على بدل سكن وعلاج ورسوم مدارس لأبنائه، بينما القاضي الذي يلامس قضايا في غاية الأهمية لا يحصل إلا على «مشلحين» في نهاية السنة ومبلغ ثلاثين ألفا، فهل يستطيع القاضي بهذين «المشلحين» ستر احتياجاته؟
سؤالي لوزارة العدل:
– ألم تمر بكم نصيحة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟

عبده خال

نقلا عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *