إيران تفشل في تصدير نفطها لأوروبا رغم رفع العقوبات
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تعاني إيران في مساعيها لزيادة صادراتها من النفط بسبب تعطّل كثير من ناقلاتها جراء استخدامها في تخزين الخام وعدم صلاحية بعضها للإبحار بينما مازال أصحاب السفن الأجانب على ترددهم في نقل شحناتها.
وتأمل إيران في تعويض التجارة التي فقدتها مع أوروبا بعد رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في عامي 2011 و2012 وحرمتها من سوق كانت تستقبل أكثر من ثلث صادراتها مما جعلها تعتمد اعتماداً كاملاً على المشترين الآسيويين.
أزمة الأسطول الإيراني
وأبلغ مسؤول حكومي إيراني كبير رويترز أن لدى بلاده ما بين 55 و60 ناقلة نفط في أسطولها غير أنه امتنع عن تحديد العدد المستخدم لتخزين الشحنات غير المباعة لكن مصادر بالقطاع قالت إن ما بين 25 إلى 27 ناقلة ترابط في ممرات بحرية قرب مرافئ مثل “عسلوية” وجزيرة “خرج” لهذا الغرض.
وقال المسؤول الكبير -رداً على سؤال عن عدد الناقلات غير الصالحة للإبحار والتي تتطلب إعادة تجهيزها في الأحواض الجافة كي تستوفي معايير الشحن البحري الدولية -“إن هناك حوالي 20 ناقلة ضخمة… بحاجة إلى تحديث.”
ووفقاً لبيانات الشحن البحري لرويترز ومصدر يتتبع حركة الناقلات فإن 11 ناقلة إيرانية أخرى من الأسطول كانت تنقل النفط إلى المشترين الآسيويين اليوم الثلاثاء 19 أبريل /نيسان 2016 ،وهو ما يفرض ضغوطاً إضافية على باقي الأسطول المتاح.
يعني هذا الحاجة إلى سفن أجنبية من أجل خطط إيران لزيادة الصادرات بخطى سريعة إلى أوروبا ومناطق أخرى لتحقيق هدف العودة بالمبيعات إلى مستويات ما قبل العقوبات هذا العام.
لكن الكثير من أصحاب السفن الذين لا يعانون ركوداً في النشاط وسط سوق ناقلات مزدهرة غير راغبين في نقل الشحنات الإيرانية.
السبب الرئيسي أن بعض القيود الأميركية على طهران مازالت قائمة وتحظر أي تجارة بالدولار أو تعامل الشركات الأميركية مع إيران بما فيها البنوك وتلك عقبة كبيرة لمعاملات النفط والناقلات المسعرة بالدولار.
لماذا أخفقت في التصدير لأوروبا؟
وشحنت ثماني ناقلات أجنبية نحو ثمانية ملايين برميل من النفط الخام الإيراني إلى وجهات أوروبية منذ رفع العقوبات في يناير /كانون الثاني2016 وفقاً لبيانات من مصدر يرصد حركة الناقلات وسماسرة سفن.
ولا يزيد ذلك على مبيعات نحو عشرة أيام عند مستويات تصدير ما قبل 2012 عند فرض العقوبات عندما كان المشترون الأوروبيون يستوردون ما يصل إلى 800 ألف برميل يومياً من البلد العضو في منظمة أوبك.
وبحسب بيانات المصدر الذي يرصد حركة الناقلات لم تنفذ الناقلات الإيرانية أي تسليمات لأوروبا حتى الآن.
يقول بادي رودجرز الرئيس التنفيذي لشركة ناقلات النفط العالمية الرائدة يوروناف إن “العمل في إيران ليس حاجة ملحة للغاية” في الوقت الحالي.
وأبلغ رويترز “لا توجد ميزة إضافية للعمل في إيران وهناك أعمال أخرى كثيرة – السوق مزدحمة والأسعار جيدة. لذا لا يوجد ما يدفع للرغبة في ذلك.
“لا أرغب حقاً في فتح حساب مصرفي باليورو في دبي كي أستطيع العمل مع إيران – هذا جنون.” حسب تعبيره
وقال ميشيل وايت المستشار العام لدى رابطة “إنترتانكو” الممثلة لمعظم أسطول الناقلات العالمي “لاحظنا بوجه عام تردداً من أعضائنا في العودة إلى إيران في ضوء حظر استخدام النظام المالي الأميركي – وتحديداً بسبب عدم إمكانية استخدام الدولار الأميركي.”
وأقر المسؤول الحكومي الإيراني الكبير الذي طلب عدم نشر اسمه نظراً لحساسية الأمر بأن بلاده تجد صعوبة في استئجار الناقلات الأجنبية.
وقال “نعكف على حل المشاكل. هناك عدة قضايا ذات صلة مالية ومصرفية وحتى تأمينية. الوضع تحسن قليلاً منذ رفع العقوبات لكن مازلنا نواجه مشاكل خطيرة.”.. حسب قوله
وعندما سئل إن كانت المشكلات المشار إليها والحاجة إلى تحديث بعض وحدات الأسطول المحلي يعرقلان الصادرات.. رد بالإيجاب.
وترجع الضغوط على الأسطول الإيراني جزئياً إلى صعوبة الحصول على مواقع تخزين برية حول العالم حيث عزلت العقوبات إيران عن النظام المالي العالمي مما يجعلها تعتمد على التخزين العائم بدرجة أكبر من كثير من منتجي النفط الآخرين مثل السعودية.
وتفاقمت المشكلة بفعل تخمة المعروض العالمي من النفط وتقدر مصادر بالقطاع أن الناقلات الإيرانية تخزن ما بين 45 إلى 50 مليون برميل من الخام غير المباع.
مخاطر سياسية
كشف مصدران آخران لدى شركتين كبيرتين للناقلات النفطية عن بواعث القلق ذاتها التي عبر عنها رودجرز ووايت وقالا أنهما لا يعملان مع إيران حالياً.
وقال أحد المصدرين إن رئيساً جديداً للولايات المتحدة سيتولى المنصب قريباً، وإن أصحاب الناقلات غير متيقنين إن كان الوضع قد يشهد أي تغيير حتى بعد الاتفاق النووي الذي توصلت إليها واشنطن والقوى العالمية الأخرى مع إيران وأدى إلى رفع العقوبات.
وقال جافين سيموندز من غرفة الشحن البحري البريطانية عن توقيت انتخابات الرئاسة الأميركية وتخمة المعروض النفطي العالمي “إيران تعود إلى السوق في أسوأ توقيت ممكن.”
قبل 2012 كانت إيران تصدر نحو مليوني برميل يومياً أكثر من نصفها إلى آسيا ولاسيما الصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان، بينما كانت ممنوعة من بيع النفط إلى الولايات المتحدة منذ عقود.
خوفاً من عودة العقوبات
وأشار قطاع الناقلات إلى مشاكل أخرى ينطوي عليها العمل مع إيران.
فقد سدت شركات التأمين على السفن فجوة في التغطية ناجمة عن القيود المفروضة على شركات إعادة التأمين الأميركية جراء العقوبات التي تفرضها واشنطن، لكن أصحاب الناقلات يقولون إن هذا ينطوي على مخاطر ومن غير المستبعد سحب هذه التغطية التأمينية في حال إعادة فرض عقوبات أوسع نطاقاً على سبيل المثال.
وكتب فيريدون فيشاراكي مؤسس إف.جي.إي لاستشارات الطاقة في مذكرة متعلقة بالموضوع “التأمين على الشحن البحري مازال مشكلة، نرى مشترين كثيرين في السوق مازالوا يتجنبون الشراء من إيران.”
وأشارت مصادر قطاع الناقلات أيضاً إلى تقارير بأن السعودية المنافس الإقليمي لإيران منعت السفن التي ترفع العلم الإيراني من دخول مياهها الإقليمية في حين تحدثت تقارير منفصلة عن قيام البحرين حليفة السعودية المقربة بفرض حظر على أي سفينة كانت متواجدة في الموانئ الإيرانية من بين آخر ثلاثة موانئ رست بها.
وقال وايت من إنترتانكو “أي حظر واسع النطاق على غرار ما تفرضه البحرين على السفن الأجنبية التي توقفت في إيران حديثا سيغذي فقط تردد أصاب الناقلات الذين يعملون بمنطقة الشرق الأوسط.