بعد أزمة مصرف بي ان بي باريبا الفرنسي
الولايات المتحدة تتعامل بحزم وقساوة مع المصارف الأوروبية وتتساهل مع المصارف الأميركية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
نيويورك – أ. ف. ب.
هل تتعامل الولايات المتحدة بحزم وقساوة مع المصارف الاوروبية وتتساهل مع المصارف الاميركية في وقت تفرض فيه واشنطن غرامة قياسية على مصرف بي ان بي باريبا الفرنسي لانتهاكه العقوبات الاقتصادية الاميركية ضد ايران وكوبا؟.
قال المدعي الفدرالي السابق جيكوب فرينكل لوكالة فرانس برس ان “طرح هذا السؤال مثل المقارنة بين الشاردوني (النبيذ) والشامبانيا”.
واضاف “انهما نوعان من النبيذ لكنهما مختلفان في التركيبة واللون والطعم والرائحة”.
وتابع “بالنسبة الى المصارف لا يمكن المقارنة في طبيعة الوقائع. ان وضع ادوات مالية مضرة شيء (المصارف الاميركية) وانتهاك الحظر المفروض على انظمة تضر مبادؤها بالحريات الاساسية شيء اخر (بي ان بي باريبا) او مساعدة الاميركيين الاثرياء في التهرب من دفع الضرائب في بلدانهم (كريديه سويس)”.
وقال قاض فدرالي لوكالة فرانس برس طلب عدم كشف اسمه ان “انتهاك حظر او المساعدة في التهرب الضريبي (في الولايات المتحدة) هو من +الجرائم+ الجنائية، ووضع اداة مالية لا يندرج في هذه الفئة مهما كانت معقدة”.
ولهيكلة الاستثمارات المالية المعقدة المرتبطة بالقروض العقارية العالية المخاطر التي كانت وراء الازمة المالية، استعانت المصارف الاميركية بمحامين سمحوا لها بوضع منتجات مالية مضرة بالتاكيد لكنها شرعية تماما في نظر القوانين الاميركية وفقا لمدعيين فدراليين سابقين هما جيكوب فرينكل وديريك كنير.
والدليل في رأيهما ان ادارة باراك اوباما ورغم الوسائل الضخمة التي خصصت للاني بروير المستشار السابق للرئيس بيل كلينتون، فشلت في محاولاتها اطلاق ملاحقات قضائية.
وبروير المدعي الفدرالي السابق المشهور، عين في 2009 على رأس الدائرة الجنائية في وزارة العدل للتحقيق في مسؤولية المصارف الاميركية في الازمة.
والهدف كان ايجاد مسؤولين واحالتهم على القضاء كما حصل خلال ازمة الانترنت اذ اودع مسؤولون في مجموعات مثل وورلد كوم وانرون وتايكو، السجن.
وغادر بروير منصبه في اذار/مارس 2013 من دون ان ينجح في ادانة اي مسؤول كبير في وول ستريت.
وصرح بيتر كار المتحدث باسم الدائرة الجنائية في وزارة العدل لوكالة فرانس برس ان “مسؤوليتنا تقضي باطلاق ملاحقات قضائية عندما تكون هناك ادلة على خرق فاضح للقانون”.
وان افلتت حتى الان من الملاحقات القضائية، فان المصارف الاميركية دفعت ثمنا باهظا من الغرامات. واشهر الاتفاقات هي التي ابرمها في 2013 مصرفا جاي بي مورغان تشايس (13 مليار دولار) وبنك اوف اميركا (9,5 مليارات في اذار/مارس و9,3 مليارات في 2011).
وبي ان بي باريبا الذي يجري مفاوضات صعبة مع السلطات الاميركية، قد يتعرض لغرامة تتجاوز 10 مليارات دولار، وفقا لوول ستريت جورنال.
كما ان المصرف قد يخسر موقتا نرخيصه للعمل في الولايات المتحدة، وفي هذه الحالة ستجمد انشطته الاميركية (اكثر من 15 الف موظف و10% من رقم اعماله).
وقال غريغوري فولوخين المسؤول عن الشركة الاستشارية المتخصصة في الاسواق المالية ميسشيرت فايننشال سورفيسز “انه رقم مبالغ فيه”.
وللخرق نفسه، كان مصرف آي ان جي الهولندي دفع 619 مليون دولار في 2012 والبريطاني ستاندارد تشارترد 670 مليونا. واتش اس بي سي البريطاني الذي اتهم بالتواطؤ في عمليات تبييض اموال، قبل في العام نفسه بدفع 1,9 مليار دولار. ولم يعلق ترخيص عمل اي من المصارف الثلاثة.
ووفقا لمصادر قضائية عدة، يدفع بي ان بي باريبا الثمن ويتفاوض في الوقت الذي ازدادت فيه الضغوط السياسية على الدائرة الجنائية في وزارة العدل ووزيرها اريك هولدر. وقال فولوخين “انها عملية انتقام”. وقال ديريك كنير ان هولدر “يريد ان يثبت جدارته” ما يبرر هذه الغرامة القياسية.
ويرى القاضي الفدرالي انه “ليس هناك سياسة الكيل بمكيالين. ان بي ان بي باريبا بكل بساطة ضحية مناخ معاد للمصارف والعقوبات المفروضة عليه ستكون للعبرة”.