سوري هارب من الموت يروي كيف تسقط القرى بيد “داعش ” دون مقاومة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الرياض – متابعة عناوين
في لقاء مع موقع ديلي بيست الإلكتروني الأمريكي، قال الشاب السوري محمد: “كان كابوساً صحوت لتوي منه”. ولم يمض سوى ساعات على وصول محمد وأسرته إلى تركيا بعد هروبهم من بلدة العشارة التابعة لمحافظة دير الزور في شمال شرق سوريا، والتي يسيطر عليها داعش.
وخضع الشاب لمدة عامين لحكم تنيظم داعش الإرهابي، وقال: “سأروي حكايتي مرة واحدة، ومن ثم سوف أنساها إلى الأبد”.
وكرر ديلي بيست محاولاته لإقناع الشاب بالحديث عن معاناته إلى أن اقتنع أخيراً.
وكما ورد في الموقع، محمد شاب سوري في بداية الثلاثينات، يحمل شهادة في الآداب، وعمل مدرساً. وطلب الاحتفاظ لنفسه باسمه الكامل وتفاصيل أخرى، خوفاً من تعرض بعض أفراد أسرته، والذين ما زالوا موجودين في بلدة العشارة لانتقام رجال داعش. وأضاف أنه، حتى في تركيا، هو غير آمن على حياته لأن عملاء لداعش منتشرون في المكان. إذ قتل ناشطون من مجموعة “الرقة تذبح بصمت” في مدينة أورفا التركية قبل شهر داخل منزلهما.
وقال محمد لديلي بيست إنه “بعد بضعة أيام على هروبه من بلدته، في يوم 29 نوفمبر(تشرين الثاني)، قصف الروس البلدة. ودمرت عدة منازل لم يستخدمها الجهاديون قط. وأصيب أيضاً عدد من المدنيين، وقتلت فتاة اسمها مها غازي العبد، وكانت في الخامسة عشر”. والتقى الموقع مع محمد عبر سكايب.
وعندما سئل حول كيفية سيطرة داعش على بلدات وقرى مثل العشارة، أجاب محمد: “من الأساليب التي يتبعها داعش عند محاولته السيطرة على منطقة ما، أن يطلب الاجتماع بوجهاء القرية أو المدينة، ومن ثم يرسل وفداً وبينهم انتحاري. وعند وصول وفد داعش، يدخل الغرفة الانتحاري ويهدد بتفجير نفسه بينهم إن لم يتوصل الوجهاء لاتفاق مع وفد داعش”.
وأضاف محمد بأن “داعش استخدم أيضاً أسلوب التهديد بإحراق المنطقة أو ذبح كل شخص. واستخدم هذا الأسلوب من أجل السيطرة على العشارة. وفي أغسطس(آب) 2013، جاء وفد داعش للبلدة للتفاوض على شروط استسلامها وخضوع سكانها لهم، أو شن حملة لإحراق الجميع”.
وأضاف ” لدى إرهابيي داعش عدة أسلحة من مختلف الأنواع. إنهم أغنياء وأقوياء، ولذا قرر وجهاء البلدة الموافقة على شروطهم. وكنا متعبين من مواصلة قوات النظام قصف بلدتنا وحصارها لنا، ولذا ظننا أن داعش، وهم مسلمون مثلنا، سوف ينصفوننا ويخلصونا من ظلم النظام، ويؤمنون لنا الغذاء الذي منعه جنود الأسد عنا لأشهر طويلة. وكان من بين شروطهم تسليمهم السلاح، وعدم مهاجمتهم، وقد وافقنا، ولذا لم يذبح أحد”.
وعند سؤاله عن طبيعة الحياة تحت حكم داعش، قال محمد: “سرعان ما ارتفعت تكاليف المعيشة، على عكس ما توقعنا. فإن أسرة مؤلفة من سبعة أشخاص تحتاج أكثر من 190 دولار شهرياً، وكان متوسط الراتب الشهري قبل هروبي في الشهر الماضي حوالي 90 دولار. إذ خفض داعش رواتب العاملين، كما أصبح المقاتل يتلقى 200 دولاراً في الشهر فيما كان يتقاضى في2014 قرابة 400 دولار”.
وقال محمد إن “الكهرباء لاتتوفر في العشارة سوى لمدة ساعتين في كل ستة ساعات، ويتوجب على كل أسرة أن تدفع شهرياً 4.50 دولار لأمير الكهرباء في داعش، وهو غير سوري بالطبع. ولا يبقى هؤلاء الأمراء في نفس المكان لمدة طويلة، ومعظمهم مصريون أو تونسيون. وكان أسوأ رجال الحسبة(الشرطة) من تونس، فهم كما وصفهم محمد غير أخلاقيين ولا متدينين وفاسدين، ويعاملون الناس في منتهى السوء، فيما كان الجهاديون القادمون من الخليج ليسوا مثلهم، فقد كانوا يتبعون الأخلاقيات الإسلامية”.
وحول حالة ما يسميه داعش دولة، قال محمد أنها هشة وغير مستقرة. وقال إن “الصحافة الأجنبية تضخم قوة داعش ومدى سيطرته على سكان المناطق التي يحتلها. ولا أدري السبب الذي يدعو مسؤولين أمريكيين وسواهم من دول تحارب داعش للمبالغة في تقدير قوته وهيمنته، وربما يعود السبب لتبرير فشل استراتيجيتهم. وفضلاً عن ذلك، يجب على دافعي الضرائب الأمريكيين أن يسألوا حكومتهم عن مصير الأموال التي أنفقت على برنامج تدريب وتسليح قوات المعارضة المعتدلة”.