كتاب جامعي يباع في مكتبات سعودية يجيز العمليات الانتحارية وقتل المذيعات !!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الرياض – متابعة عناوين:
أجاز كتاب صادر عن جامعة محلية، ويُباع في الأسواق، تنفيذ العمليات الانتحارية الإرهابية ضد من وصفهم بـ«الكفرة والمرتدين». وحوى الكتاب صوراً متعددة للعمليات الانتحارية، مخصصاً فصلاً لأحكام قيام المرأة بتنفيذها. واستند مؤلف الكتاب الدكتور سامي خالد عوض الحمود، إلى مئات الفتاوى والاجتهادات والآراء الفقهية، بما فيها آراء مؤسس حزب التحرير تقي الدين النبهاني.
ووفقا لصحيفة “الحياة” اليوم الأحد ى، فقد تضمن الكتاب تسويغات تشريعية لاستهداف المدنيين في الحروب، بمن فيهم الإعلاميين والإعلاميات. وعلى رغم أن الكتاب، الذي هو في الإساس، بحث معد لاستكمال شهادة الماجستير من جامعة الملك سعود في الرياض، للدكتور سامي الحمود، وأشرف عليه الدكتور حسن عبدالغني أبوغدة (أستاذ القانون والحقوق والفقه بجامعة الملك سعود – الرياض)، وحصل بموجبه على درجة الماجستير عام 2004 (تحديداً في 23-11-1425هـ)، كان مجرد استعراض للاجتهادات، إلا أن المؤلف رجح بعض الصور التي يراها تنطبق على وصف «المحاربين»، مثل المذيعات والإعلاميات وغيرهن. وصدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب «الأعمال الفدائية: صورها وأحكامها الفقهية»، في الرياض، عام 1433هـ. ويتضمن الكتاب، الذي جاء في 442 صفحة، واعتمد المؤلف في مقدمته على توضيح فكرة أن بحثه «يخص فقط العمليات الشرعية في الجهاد الشرعي المعتبر». واعتمد الأساس على العمليات الانتحارية التي تنفذها «حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين» (حماس)، وما تنفذه الجماعات الإسلامية المسلحة في الشيشان ضد الحكم المركزي الروسي، ناقلاً فيها فتوى فيصل مولوي (فقيه وسياسي لبناني)، بأن «عملية مسرح بيسلان (2004) التي ذهب ضحيتها أكثر من 100 طفل هي من العمليات الشرعية، رداً بالمثل على ما وصفه بالعدوان الروسي على الشيشان».
وقال مدير مركز المسبار للدراسات والبحوث منصور النقيدان : «إن فقه الجهاد عند المسلمين لم يتعرض إلى أي مراجعة حقيقية»، لافتاً إلى أن كتاب «العمليات الفدائية» جاء ضمن هذه الحالة. واستدرك بالقول: «إن الكتاب معالجة فقهية لا تخلو من خداع، سمح للكتاب بأن يجد طريقه إلى الأسواق، فالكتاب هو رؤية حركية تجعل من العمل المسلح لجماعة الإخوان المسلمين (حماس)، ومن العمليات المسلحة الشيشانية ضد المصالح الروسية، أساساً شرعياً بني عليه الكتاب». وذكر النقيدان أن «الكتاب يستند إلى فكرة كان يعود إليها المؤلف في ثنايا أبوابه، وهي أن الجهاد مرتبط في الإمام والدولة، ولكن المؤلف جعل من (حماس) والإرهابيين الشيشانيين وعملياتهم مستنداً»، مضيفاً: «إن هذا النوع من الطرح في أبواب ونوازل مشابهة يضخ في الرسائل الجامعية السعودية بصور متنوعة، كلها لا تقول صراحة: اجعل من هذه الرسالة مستنداً لك، تستثمر ما جاء فيها، مبرراً للقيام بعمل إرهابي. حينها لا يمكن أن تجد طريقها إلى القبول، فضلاً عن الانتشار». وأكد مدير مركز «المسبار» أن «غالبية مصادر ما جاء في كتاب (العمليات الفدائية) كتب فقهية من المذاهب الأربعة، ومن فتاوى علماء معاصرين». وزاد: «يبقى أن ما يثير الريبة هو البرود في التعاطي مع هذا البلاء، في ظل الأوضاع المخيفة التي تعيشها المنطقة من إرهاب ووحشية، يجد تبريرها عبر نصوص دينية وآيات قرآنية وفتاوى علماء الإسلام».
واستبعد منصور النقيدان أن «يجد أب هذا الكتاب مع ابنه ثم ينام قرير العين. وإذا كان هذا الكتاب يتناول مسائل هي أساس العمليات الإرهابية التي تعيشها السعودية؛ فإن الخطر أكبر». ورأى أن «المشكلة أعمق وأعقد من هذا بكثير»، مستطرداً بالقول: «أعقد من منع كتاب، أو تشديد الرقابة عليه، فإن هذه ثقافة واسعة، ولها روافدها، اختلط فيها الإرث بالتاريخ والتقاليد، بالمصالح والعوامل الأجنبية الطارئة التي حولت التدين البسيط إلى حركية مشوهة». وتساءل: «ماذا يفيد أن تمنع الرقابة كتاباً مُنح درجة علمية من واحدة من أكبر الجامعات في البلاد؟! وإذا كان مؤلف الكتاب جاداً في تعليق له في حسابه على «تويتر» بأن كتابه هو محاولة لرفع الوعي بالوسطية الدينية والاعتدال؛ فإن الكارثة كبيرة». وأوضح النقيدان أهمية الفصل بين الفقهين، «خصوصاً الفكر الذي استخدم في تأسيس فكر جهادي، تمثله الجماعات الإرهابية، مثل «القاعدة» و«داعش»، وبين الفقه المستمد من المذاهب الأربعة، والذي ينسجم مع توجهات الحكومة السعودية».
وقال: «علينا أن نفصل بين فقهين، الأول تقليدي متوارث، تتقاسمه المذاهب الإسلامية، والسنية هنا هي المقصودة تحديداً، وهذا الفقه، على رغم انسجامه إلى حد كبير مع توجهات الدولة، ومراعاة الحساسيات السياسية، إلا أن مؤسسات الفتوى والشؤون الدينية لم تقم البتة بأي مراجعة شجاعة ذاتية لهذا الإرث، خصوصاً في مسائل فقه الجهاد، وأحكام الردة، والتعامل مع المخالف، والفقه الثاني استثمر الأول التقليدي لتأسيس فكر جهادي، تتمثله «القاعدة» و«داعش». وجزم رئيس «مسبار» بعدم إمكان التصدي لهذا الفكر الإرهابي، «ما دام الوعي في خطورته ليس محل اتفاق بين أصحاب الشأن، الذين قد ينصاعون لإصدار بيانات عائمة، تدعم في الظاهر سياسة الدولة لحماية الأمن الداخلي والاستقرار والسلم الاجتماعي، ولكنها لا تلامس الجذور».