إدريس الدريس : الرسول يدعو لقتلهم ونحن نرحمهم.. كيف؟

تنمر الدواعش والتكفيريون وزاد بطشهم عندما استشعروا أن مظلة “المناصحة” والسعي لترشيد عقول المغرر بهم هما النهج الأبوي السعودي الذي يتبع سياسة الصبر والحلم والنفس الطويل مع الصغار الذين يصار إلى استخدامهم مطية لزلزلة هذا المجتمع ونخره بالفتنة الطائفية والتكفيرية، وهكذا امتلأت السجون بمثل هؤلاء، ومن هنا اشتعل الأمل في نفوس أهلهم بأن يفرج عنهم ولو بعد حين، على أن الوقائع الملموسة تشير إلى أن عددا -لا بأس به- منهم يدعي العودة إلى الرشد والندم على ما فات، حتى إذا أفرج عنهم تمسكنوا، ثم إذا تمكنوا تدبروا أمورهم مع قادة الإرهاب من الخارج ثم تمنطقوا الأحزمة الناسفة لتفجيرنا، وآخر هؤلاء الإرهابي يوسف السليمان الذي أوقف في الاحتجاز ثم أطلق سراحه ليتولى تنفيذ جريمة مسجد طوارئ أبها، ويذكر بيان الداخلية أن والده هو من المتعاطفين المؤيدين لأفكار وتوجهات القاعدة بما يؤكد الجهالة والتكفير المتوارث، أما بعض المفرج عنهم فقد تسللوا -على حين غرة- إلى العراق أو اليمن أو سورية أو غيرها من مناطق الصراع والالتهاب، إنها ليست مرة واحدة ولا اثنتان بل تكررت مرات عديدة أمام العجز العام دينيا واجتماعيا وعائليا لإعادتهم إلى جادة الصواب.

يحدث هذا في ظل الرغبة الغائبة اجتماعيا في أن تعود الإنجازات الأمنية السعودية من خلال الضربة الصارمة والمواجهة الحاسمة تجاه هؤلاء المنفذين أو المتعاونين أو المتعاطفين أو المتعذرين عنهم أو حتى الساكتين من الدعاة والخطباء عن هذا الانحراف العقدي الذي لا يداخله لبس أو شك.

لا يمكن لكائن من كان حالما أو عالما أو داعية أن يدعي أنه أكثر رأفة ورحمة وعطفا ولينا من رسولنا ومعلمنا الأول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أرشدنا برؤية ربانية استباقية إلى هؤلاء التكفيريين الخوارج، وما سيحدث منهم وقد وصفهم عليه الصلاة والسلام حتى لا ننخدع بمظهرهم، ولا بسمتهم وعلمهم الديني الغزير، لكنه أردف بعد ذلك كله وأرشدنا وهو يقول: “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد”.

فهل بعد وصيته -صلى الله عليه وسلم- من معقب وهل يحتمل الأمر رأيا مغايرا.
أعلم أن الحاجة الأمنية تقتضي الإبقاء على مثل هؤلاء لضرورات التحقيق ومتابعة الخلفيات ومراقبة الوضع ورصد الاعترافات للتعقب والملاحقة.

لكن الإطالة في ذلك قد تفهم على غير ما يراد منها، ونتذكر جميعا تلك المواجهة الأمنية الحازمة أواخر عام 2004 التي قضي خلالها على بعض رموز القاعدة (سلطان العتيبي وبندر الدخيل) كما لا زالت ذاكرتنا تشتعل بمطاردة خلايا القاعدة في الرياض والمدينة والقضاء على زعمائها في ذلك الحين (عبدالعزيز المقرن ثم صالح العوفي) على نحو جعل الخلايا النائمة تحزم حقائبها وتغادر تباعا إلى اليمن.
وهكذا فإننا ننتظر إجراء حازما وصارما يستتبع حادثة التفجير في مسجد قوات الطوارئ بأبها وأن يتخلى جميع العلماء والقضاة والتربويين وقادة الفكر وخطباء الجوامع والوعاظ عن المواقف الرمادية المترددة والملتبسة، فالأمن هو الحق الذي لا مهادنة فيه، ولهذا نرجو أن يمرر السيف فوق رقاب التكفيريين لكي يرتدع كل المتربصين بأمننا ووحدة بلادنا.

إدريس الدريس

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *