حرامية الضمان الاجتماعي

لو حلف لي أحد أغلظ الأيمان بأن هناك حرامية كبارا يستفيدون من معاشات الضمان الاجتماعي في المملكة ما صدقته. لكن بدون حلف ولا أيمان مغلظة جاءتنا «عكاظ» من مصادرها الخاصة بالخبر اليقين. وهو أن الربط الآلي بين الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية، الذي بدأ الأسبوع الماضي، تسبب في إسقاط نحو 110 آلاف مستفيد من الضمان، تبين أنهم موظفون وموظفات بالقطاع الخاص، شكلت النساء منهم نسبة تزيد على 85%.

وحسب الخبر (الفضيحة)، تبين ــ أيضا ــ أن هناك احتيالا ونصبا من سيدات أعمال لديهن سجلات تجارية، وموظفات بنوك وشركات ومؤسسات كبيرة مسجلات في الضمان الاجتماعي. والمثير أن هؤلاء ظلوا يأكلون السحت ويسرقون أرزاق وقوت الضعفاء؛ لأنه لم يكن يتم الكشف عن كونهم محتاجين أم لا أثناء التقديم على معاش الضمان. كما لا تتم مراجعة أسمائهم بعد التسجيل في سجلات التأمينات الاجتماعية. أي أنهم يتقدمون (للسرقة) وهم يعلمون ــ نظرا لرداءة الأنظمة ــ أن سرقتهم لن تكشف!!

وإذا أردتم الحقيقة، فإن أول من يجب أن يسأل عن هذا التفريط بأموال الدولة المسخرة للمحتاجين والمعوزين والمطلقات والأرامل، هم مسؤولو وموظفو الضمان الاجتماعي، الذين نضع أمامهم مليون علامة استفهام عن كيف مرروا هؤلاء الحرامية بهذه البساطة.؟! ألم يصدعونا لسنوات طويلة بأن المؤسسة لديها أهم نظام (في الشرق الأوسط) لدراسة الحالات المتقدمة لمعاشات الضمان وإقرارها أو رفضها بحسب نتائج تلك الدراسات؟! أين هذا النظام، أو بالأصح أين هو الشرق الأوسط المزعوم؟!

أما لصوص أرزاق الفقراء، الذين أصبحوا الآن معروفين بأسمائهم وسجلاتهم المدنية، فيجب أن يجروا من رقابهم إلى المحاكم ويغرموا كل ما أخذوه من أول يوم إلى تاريخ الكشف عنهم ثم يسجنوا بحسب الأحكام القضائية التعزيرية ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه السطو على أموال الدولة والمستحقين لها. ومن المنتظر، بل من المهم جدا عدم التهاون في اتخاذ إجراءات من هذا النوع في حقهم؛ لكي يكفوا ويكف غيرهم عن لصوصيتهم وجرأتهم على حقوق الآخرين.

والأهم ــ بعد كل ذلك ــ ألا نبقى ساذجين نتعامل مع الناس باعتبارهم أنقياء يخافون الله ويراعون ضمائرهم. الناس كما فيهم أخيار فيهم أشرار وفيهم محتالون ونصابون. وما يردعهم ويكشفهم ويحد من غلوائهم وشراهتهم هو الأنظمة الدقيقة التي تراقبهم والقوانين التي تعاقبهم إذا أخطأوا أو سرقوا. وليس بعد أموال المحتاجين المسروقة هذه من شيء يستحق أن يلفت النظر إلى طيبتنا الزائدة أو ارتخاء أنظمتنا البالية!!.

محمد العصيمي

نقلا عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *