قصص وحكايات عن قتلى كارثة منجم تركيا وتصاعد الغضب
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
سوما (تركيا)
أذيعت أسماء قتلى كارثة منجم تركيا عبر مكبرات الصوت فيما كانت الحفارات تعد مقابر جماعية في بلدة سوما اليوم الخميس لكن سرعان ما تحول الحزن إلى غضب إذ تجمع متظاهرون في بعض المدن الرئيسية بعد أسوأ كارثة صناعية في البلاد.
ولا يزال رجال الإنقاذ يحاولون الوصول إلى أجزاء من منجم الفحم الذي يقع في سوما على بعد 480 كيلومترا جنوب غربي اسطنبول بعد نحو 48 ساعة من اندلاع حريق في المنجم تسبب في انقطاع الكهرباء وإغلاق فتحات التهوية وتوقف المصاعد مما أدى إلى محاصرة مئات العمال تحت الأرض.
وتأكد مقتل 282 شخصا معظمهم بسبب التسمم بغاز أول أكسيد الكربون وتتلاشى الآمال في العثور على ناجين إذ يعتقد أنه لا يزال حوالي 100 عامل داخل المنجم المنكوب.
واجتاح الغضب تركيا التي تتفاخر منذ عقود بالنمو الاقتصادي السريع خلال حكم رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان لكنها ما زالت تعاني من أحد اسوأ سجلات معايير السلامة في أماكن العمل في العالم.
واستقبل سكان غاضبون إردوغان بصيحات استهجان وتدافعوا حول مرافقيه عندما زار البلدة تعبيرا عن غضبهم مما وصفوه بتراخي الحكومة في التعامل مع أباطرة التعدين وفشلها في ضمان السلامة والافتقار للمعلومات بشأن جهود الإنقاذ.
ومنعت قوات الأمن الوصول إلى مدخل المنجم ووضعت الشرطة حواجز على بعد عدة كيلومترات استعدادا لزيارة الرئيس التركي عبد الله جول اليوم. وقام ضباط بتفتيش السيارات.
وقال إمري (18 عاما) “جئنا إلى هنا لنتشارك في الحزن وانتظار خروج أصدقائنا لكن لم يسمح لنا.” وتساءل إمرى الذي كان يحاول الوصول إلى المنجم الذي قال إن أصدقاء من قريته محاصرون فيه “هل حزن الرئيس أكبر من حزننا؟”
وأعلن إردوغان الحداد العام لمدة ثلاثة أيام ابتداء من يوم الثلاثاء وعبر عن أسفه لوقوع الكارثة لكنه قال إن مثل هذه الحوادث شائعة وتحول للدفاع عندما سئل عما إذا كانت إجراءات السلامة كافية.
ونشرت صحيفة راديكال مقطعا صوره هاو على موقعها الإلكتروني ليظهر اردوغان وهو يقول “تعال وتهكم علي” وهو يشق طريقه وسط حشد معادي في البلدة.
ويجري تداول صورة على مواقع التواصل الاجتماعي ليوسف ييركل -نائب أحد مساعديه الشخصيين- وهو يركل محتجا بعد أن طرحه ضباط أمن مسلحين أرضا لتزيد من تشويه صورة رئيس الوزراء.
ودافع زملاء لييركل في مكتب اردوغان عنه قائلين إن المحتج سافر إلى سوما عمدا لاختلاق مشكلة. وأصدرت كلية الدراسات الشرقية والأفريقية وهي مؤسسة أكاديمية محترمة في لندن كان ييركل يدرس فيها بيانا تقول إنه ليست لديه أي صلة بالكلية بعد أن حاصرتها الاستفسارات.
وصمد اردوغان المتوقع أن يخوض انتخابات الرئاسة التركية في أغسطس آب في وجه احتجاجات حاشدة وفضيحة فساد على مدى العام الماضي وحقق حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه فوزا في الانتخابات البلدية التي أجريت في مارس آذار بالرغم من الاضطراب السياسي.
لكن خصومه يقولون إن معالجته لكارثة تمس الطبقة العاملة -المجتمع المحافظ الذي يشكل قلب قاعدة مؤيديه دليل آخر على أنه زعيم يصبح معزولا عن الواقع على نحو متزايد.
وتحدث جول بنبرة أكثر تصالحا قائلا إن تركيا في حاجة لأن تعيد النظر في القواعد التي تنظم العمل في المناجم لجعلها متفقة مع القواعد في بلدان أخرى. وجول شريك لاردوغان في تأسيس حزب العدالة والتنمية لكنه مشهور بأسلوبه الأقل حدة من رئيس الوزراء.
وقال جول “الألم الذي يشعر به كل فرد هو ألمنا جميعا.” وتابع قائلا “لا يجب أن تحدث هذه المعاناة. ويجب علينا أن نعيد تقييم اللوائح واتخاذ الإجراءات الضرورية لتصبح مثل البلدان المتقدمة التي لم تعد تشهد مثل هذه المعاناة.”
ودعت أربع نقابات عمال تركية إلى اضراب عام لمدة يوم واحد اليوم الخميس احتجاجا على ما يرونه تدهورا حادا في أوضاع العمل منذ تأجير مناجم مملوكة للدولة لشركات خاصة منها المنجم المنكوب في سوما.
وجاء في بيان من نقابات العمال “ترك مئات من اخواننا العاملين في سوما للموت منذ البداية من خلال إجبارهم على العمل في عمليات إنتاج وحشية من أجل تحقيق أقصى قدر من الأرباح.”
ومضى البيان الذي حث الشعب على ارتداء الملابس السوداء يقول “ندعو الطبقة العاملة والعمال وأصدقاء العمال إلى الوقوف إلى جانب اشقائنا في سوما.”
ونظم عدة آلاف احتجاجات سلمية في اسطنبول رافعين لافتات كتبت عليها شعارات مثل “ذلك ليس حادثا.. ذلك ليس قدرا إنها جريمة.” ونظم البعض اعتصاما في مواجهة صفوف الشرطة.
واستخدمت الشرطة مدفع مياه لتفريق مظاهرة في ازمير وهي أقرب مدينة كبيرة لسوما وذكرت تقارير أن مدينتي مرسين وأنطاليا في جنوب البلاد شهدتا احتجاجات.
وتجمع عدة آلاف من نقابات مختلفة في أنقرة في مسيرة لوزارة العمل ووضع بعضهم خوذات عمال المناجم على رؤوسهم ورفعوا لافتات عليها صور تشي جيفارا ورددوا هتافات مناوئة لحزب العدالة والتنمية قبل أن تتدخل الشرطة لتفريق مسيرتهم.
وتجمع آلاف عند صلاة الظهر لتشييع جثامين أكثر من 40 عاملا من عمال المنجم المنكوب. وكثير من سكان البلدة يعملون في المنجم أو لديهم أقارب يعملون فيه. وكانت المقابر مزدحمة أثناء الدفن. ولم يحضر أي مسؤول من الحكومة.