صناعة الصنم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
يقول الرقم الشارد الذي قرأته لكم بحر الأسبوع الماضي، إن أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء الهيئات الوطنية السيادية المختلفة يصدرون في العام الواحد ما يناهز مئتي “فرمان” جديد لتعيين كفاءات ودماء جديدة في أفرع الوزارات والهيئات ومديري عمومها وأمنائها الجدد في مناطق الوطن المختلفة.
دعوني أفترض اليوم أن نصف هؤلاء الجدد من أصحاب السعادة يأتون للوظيفة وللمنصب الجديد من بيئة اجتماعية مختلفة ومن منطقة سابقة إلى المنطقة الجديدة، ثم تعالوا بعدها إلى تفاصيل الأشهر الثلاثة الأولى لصاحب السعادة في منطقته الجديدة ومنصبه الجديد.
طبعاً سيصل سعادة المدير العام/ الأمين/ رئيس فرع الوزارة، وأياً كان اللقب مساء الجمعة محاولاً أن يتخفى وأن يصل بهدوء كي يأخذ القادم إليهم من مرؤوسيه بالدهشة والمفاجأة، لكنه يكتشف في صدفة عجيبة أنه وصل للمطار الجديد وفيه سائق سيارة المدير العام السابق، وبعد “كيلين” في الشارع العام يكتشف أنه يسير في موكب مهيب وكل سيارة من قبله أو بعده مشحونة بفرد من رجال سعادة المدير العام السابق. في صباح اليوم التالي، السبت يصحو سعادة المدير العام الجديد في فندقه الفاره الفخم على إفطار منزلي شعبي لا يعرف من الذي جاء به إليه وبعدها يأخذ قيلولة قصيرة في “سبت” الإجازة ليصحو الثانية ظهرا وإذا بمراسل مكتب سعادة المدير العام السابق يرفع “القصدير” عن التيس الحنيذ المرسول إليه “خفية” من زعماء القوم وأركان إدارة المدير السابق. في مساء اليوم، ينتظر هؤلاء الأركان و”الزعماء” نزلة سعادة المدير العام إلى بهو الفندق وهنا تبدأ أولى خيوط “تدشين” ولاحظوا لم أقل “تدجين” سعادة المدير العام ليكون نسخة من رتابة المدير العام السابق وشخصيته في برنامج تأهيل ممنهج يبدأ من الليلة الأولى لوصول سعادة المدير العام كي يضمنوا بعد عام أن “صاحبهم” الجديد تحول إلى نسخة “بيولوجية” من سعادة “السابق” وكأنه زوج أخته تماما أو ابن خالته. وطبعا وبكل تأكيد سينسحب من المشهد كل الانبطاحيين والمتملقين من المواطنين أصحاب المصالح لأسبوعين كاملين قبل أن يطلبوا مقابلة سعادة المدير العام الجديد.
سيصمد سعادة المدير العام الجديد لشهرين عن إجابة أي دعوة عشاء مباشرة، لكنه مع بداية الشهر الرابع سيحضر ضيف شرف في منزل انبطاحي متملق في دعوة ليست له ولكنها لمدير فرع الزراعة أو وكيل التجارة وهو بالتورية ليس إلا ضيف شرف. في نهاية الشهر الثامن سيكون سعادة المدير العام الجديد ضيف إفطار علني في منزل أحد هؤلاء الانبطاحيين ولكن من الخيال أن تتخيل وجبة إفطار لفرد واحد على “خمسة” من الماعز “الجذع” ناهيك عن بقية صحون العريكة والمبثوث وأقراص العسل، انتهت المساحة دون أن أستطيع تكملة الموضوع.
علي سعد الموسى
نقلا عن “الوطن”