الهكر «مرجوج» .. ليس شمساً مشرقة..!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
ينشغل السعوديون في مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام بقصتي (شمس شارقة) و(مرجوج هزازي) الأولى تتعلق بوزير الصحة السابق، والثانية تدخل في اهتمامات وزير التعليم الجديد، فهل بين الأمرين أية علاقة؟
قبل أيام فقط نشرت صحيفة بريطانية قائمة جديدة لأعلى الأجور وكان من بينها وظيفة (هكر)..! ووفقاً لموقع متخصص فإن الدخل السنوي لوظيفة (الهكر الأخلاقي المؤهل) تصل إلى 132 ألف دولار في العام أي ما يفوق 40 ألف ريال شهرياً، بالإضافة لمكافأة الاختراق.
ولمن لم يسمع بهذه الوظيفة من قبل فهي مخصصة لمحترفي اختراق المواقع الإلكترونية والمؤهلين لمحاصرة المواقع الإلكترونية بحثاً عن الثغرات التي يمكن للمخترقين أن يقوموا من خلالها بالوصول لبيانات الموقع، ونسخها أو التعديل عليها أو إلغائها، أو إيقاف عمل الموقع مؤقتاً أو تدميره.
هؤلاء المحترفون ليسوا (مرجوجين) أبداً فهم يقومون بعمل مهني منضبط أخلاقياً، ويقوم كثير من الشركات بالتعاقد معهم لاختبار مواقعها الإلكترونية مقابل مبالغ مجزية.
بالإضافة إلى مكافأة (بونص) كبيرة لكل اختراق تنجح فيه، لأنه ببساطة يوفر عليهم الكثير من الأموال وعناء المشكلات القانونية والأخلاقية وتلك التي قد تمس سمعتها جرّاء اختراق لا أخلاقي.
بعد أيام من نشر هذا الخبر كان تركي عمر أو (هزازي مرجوج) أعلن أنه تمكن في أقل من ساعة فقط من اختراق موقع إلكتروني لإحدى الجامعات السعودية مطلعاً على بيانات هامة تتعلق بمعلومات ونتائج 4000 طالب، بعد أن حذر عدة مرات من ضعف وهشاشة المواقع الإلكترونية التابعة لوزارة التعليم، لكن كلامه لم يكن مهمّاً حين ذاك.
بعد هذه الحادثة، وبعد أن طلبت الجامعة من الشاب السعودي تزويدها بالثغرات، انتشرت أحاديث حول نية الجامعة مقاضاة الهزازي الذي – في الواقع – عمل متطوعاً في وظيفة هكر أخلاقي، لهدفين أعلنهما منذ البداية، الأول: هو تحذير الجامعات والمعاهد التابعة لوزارة التعليم المسؤولة عن مصير مئات الآلاف من الطلاب بأن عليها مراجعة حساباتها.
والهدف الثاني هو أن تلك الأموال الطائلة التي تُصرف لشركات أجنبية في أمن المعلومات – لمواقع التعليم – لا توازي حقيقة نُظمها الدفاعية الهشة، بينما يستطيع شبّان سعوديون تطوير نُظم أفضل منها أو مثلها بأسعار زهيدة.
مشيراً ضمناً أن ذلك بسبب عقدة الأجنبي وعدم الثقة في المواطن، أوربما عدم فهم الممسكين بملف التعاقد بشأن المواقع للفارق التقني بين هذا البناء الإلكتروني أو ذاك.
وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل تعامل مع الموضوع بتقديم الاحترام للمواطن عابراً المأزق الأول بنجاح الذي أخفق فيه وزراء غربت شمسهم فوراً، لكن الوزير يواجه اليوم قضية جديدة تتعلق بالتعليم العالي أيضاً، وتحديداً أمن معلومات الطلاب وسلامة النتائج بالإضافة إلى الحملة المتصاعدة حول موقفه من الدارسين في الخارج، خاصة مع تأخر آليات إصدار الموافقات وتعطل الإلحاق بالبعثة.
هذا التصعيد قد يتطلب تواجدا أكبر لمعالي الوزير في أروقة التعليم العالي، ولو من باب مراجعة القضايا المتراكمة خلال الفترة الماضية. فالتطور الكبير في تواصل الجامعات الإلكتروني والتوجه نحو التعليم عن بعد، وازدياد الطلاب في الجامعات المحلية، يفرض إدارة فاعلة لأمن المعلومات، تستفيد من الكوادر السعودية المؤهلة في هذا المجال، وإن تطلب الأمر إكسابهم مزيداً من التأهيل في هذا المجال.
أتمنى من الدكتور عزام أن يخصص في مكتبه موظفاً لمراسلة أعظم جامعات العالم في أمركيا وبريطانيا مثلاً ليرى كيف يتم احترام الطالب المتقدم والرد عليه خلال أسبوعين أو ثلاثة سواء في حال قبوله أو عدم قبوله، وإشعاره بالمتعلقات وإطلاعه من خلال النظام على مراحل معاملته إلى حين صدور القرار بيسر وسهولة، وأمن تلك المعلومات.
رغم أن عدد المتقدمين لبعض هذه الجامعات التي تتصدر التصنيف العالمي يفوق عدد المتقدمين للجامعات السعودية مجتمعة، والمتقدمين للدراسة على حسابهم الخاص والابتعاث أيضاً، أتمنى أن لا يكون الجواب : ليس شمساً مشرقة..!
مشاري العفالق
نقلا عن “اليوم”