رمز الوحدة في «عاصفة الحزم»
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
إن ما شرح الله له صدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – من نصرة إخواننا في اليمن بالإذن بانطلاق «عاصفة الحزم» لهو – بتوفيق الله – ترجمة لما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير: «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمَّى»، ولا شك – كذلك – في أن باعث هذا القرار هو الإيمان بالله تعالى وما جاء في كتابه وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام. ثم إن هذه المبادرة الكريمة وهذا التحالف المبارك حَرِيَّان بأن يؤتي الله ثمارهما، ليعلم أهل الإسلام قيمة هذا الدين وأنه مدار الاجتماع ووحدة الصف، وهو الحبل المتين للعزة في الدنيا والآخرة، وفي غير ذلك لا تبتغى العزة.
وهذا القرار الحكيم في ظروف السياسة المعاصرة وما تمر بها من متغيرات ومواقف ليؤكد به خادم الحرمين الشريفين أسلوبه وحنكته في العمل المدروس والتنفيذ نحو أهداف من خلالها تتحقق الموازنة في التعامل مع الواقع السياسي الذي يحتاج إلى وضع وحدة الأمة الإسلامية والعربية في مكانها الصحيح.
فمشروع «عاصفة الحزم» رمز وحدة واجتماع وعزة، اشرأبت إليه أعناق كل من ينشد اجتماع الأمة الإسلامية والعربية؛ لذلك يجب أن ينعكس هذا المشروع على مواقف النخب في جميع المجالات نحو التعاون في كل ما من شأنه تعزيز وحدة الصف واجتماع الكلمة.
ومما يذكر ويشكر ما يقوم به رجالات جيش التحالف، وفي مقدمتهم رجال جيشنا وأبناؤنا الذين أظهروا بجديتهم وحسن إعدادهم واستعدادهم لنصرة إخوانهم حقيقة الجندية المسلمة ببسالتها وشجاعتها التي تسعى في رفع المظالم عن ديار المسلمين في ظل قيادة توازن المواقف وتقدر المصالح من المفاسد في توجيهها لرجالاتها وعسكرها، وإن مما يوصى به في هذا المقام العظيم تقوى الله عز جل، والإخلاص في القول والعمل، وإحسان النيات والقصود، لينضم العبد إلى صفوف المجاهدين في سبيل الله وإعلاء كلمة التوحيد وحماية أهلها وحفظ الأوطان وتحقيق العدل ورفع الظلم، فسيروا على بركة الله، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين.
ولا بد أن يدرك الأشقاء في اليمن السعيد أن هذا القرار قام على مبدأين؛ الوقاية والعلاج، فهو قرار يعيد لليمن مكانته بعدما شُغل عن بنائه وتوظيف طاقاته من رجالاته الصادقين الذين يهمهم واقع اليمن ونهضته، حيث إن نابتة السوء لا يهمها إلا أن تجعل اليمن الإسلامي العربي ضعيفا ممزقا مهانا أهله مداسة كرامته.
وليعلم أهلنا في اليمن الشقيق، الذين في داخل اليمن وخارجه، أنهم في سويداء القلب، يفرحنا ما يفرحهم ويحزننا ما يحزنهم، فهم أهل رحم وجوار، فمن حقهم علينا أن ننصر قضيتهم ونتواصى ونتعاون في كل ما يعود عليهم بكمال الحال ودوام الاستقرار، وأن يبنى اليمن السعيد ليكون يمننا جديدا بأصالته وعراقته في تاريخ الأمة وعقول رجاله وسواعد أبنائه.
حفظ الله بلاد المسلمين من كل سوء وبلاء وفتنة، وأسأله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على ما فيه عزهم ونهضتهم، كما أسأله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لكل ما فيه خير للبلاد والعباد في جميع ديار المسلمين، وأن يوفق ولاة أمور المسلمين لوحدة الكلمة والصف بما يعود بالعزة والنهضة والعيش الرغيد لشعوبهم.
د. صالح بن عبدالله بن حميد
* إمام وخطيب المسجد الحرام
والمستشار في الديوان الملكي
نقلا عن “الشرق الأوسط”