حسن نصر الله يكذب
ما من شك بأن زعيم حزب الله الإيراني حسن نصر الله أكثر المتضررين من عاصفة الحزم العربية. وهذا ما يفسر غضبه الشديد وانفعاله الأشد في الخطاب الذي ألقاه يوم الجمعة الماضي نصرة لأسياده في طهـران، الذي يقول إنه لا يأتمر بأمرهم ولا ينفذ أجندتهم. يخاطبنا (السيد) وكأننا أغنام في واديه مثل باقي تلك الأغنام التي يسوقها إلى حتفها خدمة للولي الفقيه. لقد قال نصر الله، ذات يوم، بوضوح وفم ملآن فاجر وكافر بعروبته: «لن يكون لبنان جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخميني».
مشكلة نصرالله وغيره، من مريدي إيران الفارسية، أنهم يتذاكون أكثر من اللازم في خطاباتهم وجدالاتهم، ربما ظنا منهم بأن مما فقده العرب، من بين ما فقدوه، عقولهم وفهمهم لما يجري حولهم، داخل بلدانهم وخارجها. وإلا كيف يجرؤون على خطاب سمج من هذا النوع.؟! قلت من قبل، ويبدو أن نصرالله وفريقه الإعلامي لم يسمع، أن إيران حين تخصص مليارات، تقتطعها من قوت أبنائها وتنميتها، لدعم حزبه ودعم مكونات شيعية عربية أخرى في كل الدول العربية بلا استثناء، فهي لا تفعل ذلك لأن حكامها ملائكة يوزعون الحلوى أو أن الأم تريزا خرجت من قم.
في اليمن مثلا، حين تسخر إيران كل هذا الجهد المالي والاستخباراتي والعسكري، فإن من العهـر البالغ أن يأتي من يقول إنها لا تهدف إلى شيء ولا تقصد شيئا مما يتصوره العرب الذين يحاربونها الآن. اليمن، كما يعلم نصر الله، مثل غيره أو أكثر، على مرمى حجر من حدود المملكة. وباب المندب، الذي يوجد بلا شك على خارطة مقر حزب الله، تعبره سنويا 21 ألف قطعة بحرية، ويمر يوميا عبر هذا المضيق ما بين 5 إلى 6% من إنتاج النفط العالمي، أي نحو 4 ملايين برميل طن تذهب باتجاه قناة السويس ومنها إلى بقية أنحاء العالم.
إيران إذن لا تلعب كورة في الحارة اليمنية ولا في أي حارة عربية دخلتها وتمكنت منها بفعل ومساندة بعض العرب الطائفيين الذين يخدعون أتباعهم ويناوِؤون، وإن كان هناك عرب آخرون من ذات الطائفة حذروا ويحذرون إلى الآن من مغبة السقوط في الحجر الفارسي المتربص. هذا الحجر الذي يساوي عند قطف الثمار بين كل العرب باعتبارهم، شيعة وسنة، أعداء تاريخيين للمجد والإمبراطورية الفارسية.
الحرب التي تجري الآن قومية بالدرجة الأولى ولا دخل للدين أو التمذهب فيها. والعرب الذين دخلوها هم العرب الشرفاء الذين، كما يعترفون بأيديهم المرتعشة أمام الصلف الإيراني فيما سبق، يشدون الآن قبضتهم في وجهها ومن يواليها سياسيا وعسكريا في المنطقة العربية. وإذا كان نصرالله اختار أن يستمر في الكذب فهذا شأنه، وخطابه الأخير ليس أول سقوط لأقنعته. وما ننتظره نحن هو خروجه الأبدي من وجودنا العربي..
محمد العصيمي
نقلا عن “عكاظ”