السعوديون .. ومؤشرات السعادة

صادف يوم 20 آذار (مارس) الجاري، يوم السعادة العالمي، والذي أقر في الأمم المتحدة في مبادرة من دولة بوتان، وتسعى الأمم المتحدة من هذه الفعالية العالمية إلى تحقيق السعادة بمفهومها الواسع، وأنها جزء أساسي من مفهوم حقوق الإنسان.
وقد غطى التقرير 156 بلداً من خلال مقابلات لحوالى 130 ألف شخص في دول البحث، ويركز البحث على معايير السعادة في أوجه عدة، منها قضايا الحرية السياسية والعلاقات الاجتماعية الناجحة في المجتمعات، إضافة إلى معايير الصحة العقلية والجسدية والأمان الوظيفي والأسري ومعدلات الجريمة والفساد في أي مجتمع.

وللمعلومية أتت الدول الخليجية في مراتب متقدمة عربياً في هذا التقرير، وتقدمت في مراكزها العالمية من حيث سعادة شعوبها، والمملكة احتلت المركز الخامس عربياً و33 عالمياً، وهذا باعتقادي مركز لا بأس به، ولكن نأمل أن نكون في مركز متقدم في الأعوام المقبلة، وأعتقد بأن قضية الرعاية الصحية لدينا تحتاج إلى الكثير من الاهتمام، حتى تنعكس على سعادتنا، وهذا مطلب بسيط، ويمكن تحقيقه في ظل توافر إمكاناتنا المالية الضخمة، متى ما توافرت الإدارة الناجحة في وزارة الصحة، والتي يبدو أنها تعاني من هذا الإشكال منذ فترة طويلة، وكلنا يتذكر فترة تولي -المرحوم- غازي القصيبي لهذا المنصب والتحولات التي طرأت عليه في تلك الفترة، أما بعد ذلك فهي مرحلة مليئة بالتخبطات والعشوائية وعدم المحاسبة، فأرقام الأخطاء الطبية في مستشفياتنا مخيف ومرعب، ونتائج محاسبة من تسبب بتلك الأخطاء لا تذكر.

على وزير الصحة الجديد العمل بجد في تحسين هذا القطاع، إذ إن الدولة لم تقصِّر بدعم هذا القطاع، وترك الجزئيات غير المهمة، مثل ما نسمع من كل وزير صحة جديد عن مواعيد عمل المراكز الصحية في الأحياء، هل تكون على فترة أم فترتين؟ على رغم أهمية ذلك إلا أن المهم –برأيي- هو وضع تلك المراكز من حيث الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين فيها وجودة الأجهزة والمنشآت فيها، إذ أصبحت بعض تلك المراكز للأسف طريقاً للتحويل إلى المستشفيات الحكومية المركزية.

من هموم المواطن -والتي إن حُلت فسنكون أكثر سعادةً وفرحاً- هو وجود تأمين صحي للمواطنين، وكلنا يتابع أن هذا الملف يتقاذفه الوزراء لدينا، فمنهم مؤيد له ومتحمس، ولكن الوقت لم يكن في صالحه، ومنهم من ضده ويبني على تجارب دول متقدمة في الرعاية الصحية، كما في كندا -مثلاً- والتي يبدو أنها متقدمة في هذا الجانب، ولكننا لا نعرف ملامح تلك التجربة، المهم أن ملف التأمين الصحي للمواطن مفقود بين اللجان في وزارة الصحة، وكأنه ملف سيادي يحتاج إلى قرار من أعلى سلطة في الدولة، وهذا باعتقادي هروب من القائمين عليه من التنفيذيين في وزارة الصحة، فهل يعقل أن يكون هناك نظام يلزم الشركات بالتأمين على موظفيها الأجانب وأن يكون المواطن بلا تأمين؟

هذه سابقة يمكن أن تكون الأولى عالمياً، وقد تجلب التعاسة والهم والغم والحزن للمواطن، ولاسيما صاحب الدخل المحدود كموظفي الدولة ولاسيما المتقاعدين منهم، علينا أن ننهض بهذا القطاع المهم ونجلب السعادة إلى شعبنا ولا نتركه فريسة للإمراض، ولاسيما مع التقارير والإحصاءات المحلية والدولية، التي تفزعنا كل يوم عن النسب المرتفعة لبعض الأمراض المنتشرة في مجتمعنا، كمرض السكر والضغط وأنواع السرطانات وغير ذلك من الأمراض.

تريدون أن يكون المواطن أكثر سعادة؛ اهتموا بالخدمات الصحية، وأمِّنوا للجميع تأميناً صحياً يعطيه الحق أن يذهب إلى أي مستشفي حكومي أو خاص، وكفى مماطلة بصحة المواطن، وباعتقادي أن هذا سينعكس على قواه العقلية والجسدية، وسيغرد سعادةً وفرحاً في حال تحقيق هذه المطالب الإنسانية البسيطة.

عقل العقل

نقلا عن “الحياة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *