لماذا يهرب السعوديون إلى دبي؟
مع بدء إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني حزم السعوديون حقائبهم منطلقين في رحاب الأرض، من دبي إلى اسطنبول، مروراً بالمنامة وكوالالمبور، وانتهاء بعواصم أوربا. أعداد كبيرة تصل إلى آلاف العوائل لا توفر فرصة إجازة إلا وتطرق أبواب المطارات رغبة في السفر إلى الخارج، حتى لو كانت الإجازة قصيرة جداً.. فلماذا يتكلف هؤلاء مشقة السفر مسافات طويلة؟. ولماذا لم يبقوا في بلادهم خاصة أن هذه الإجازة تحديداً تتزامن مع تحسن الأجواء ووفرة الأمطار؟. ما الذي تبحث عنه هذه العوائل في الخارج ولا تجده هنا؟.
لقد نقلت لنا وسائل الإعلام أخبار السعوديين الذين فضلوا قضاء الإجازة في دبي، والذين يتجاوز عددهم الآلاف، وهو رقم كبير جداً يمثل تحدّياً أمام هيئة السياحة التي لا ننكر أنها بذلت جهوداً مهمة في السنوات القليلة الماضية لكن يبدو أنها لم توفق بعد في تهيئة البيئة المحلية وتأهيلها لتكون جاذبة سياحياً، ويؤكد ذلك الأعداد المتزايدة للسعوديين الهاربين إلى الخارج عند أقرب إجازة. فما الذي يبحث عنه هؤلاء وما الذين يرغبون به في إجازاتهم ولا يجدونه في البيئة المحلية؟.
على مستوى الخدمات ونمط الحياة وحتى البيئة فإنه لا فرق بين الرياض ودبي، أو بين الدمام والمنامة، البيئة متشابهة في الغالب، ومع ذلك فالعائلة السعودية تفضل السفر للخارج على البقاء في الداخل، والسبب في رأيي أن المدن السياحية سواء في الخليج أو في العالم توفر أمراً مهماً لا يتوفر هنا بشكل جيد، ألا وهو وسائل الترفيه المتكاملة والمناسبة لجميع أفراد العائلة، كباراً وصغاراً، فربّ العائلة لا يحتار كثيراً عندما يأخذ أبناءه إلى أحد “مولات” دبي حيث يجد فيها كل شيء، من صالات سينما ومدن ألعاب ومقاه ومطاعم ومكتبات ومحلات تسوق، كما يجد بجانب “المول” شاطئا نظيفا كامل الخدمات، وحدائق ومتنزهات، ومزارات سياحية مشهورة، وهكذا يضمن أن رحلته ستكون ممتعة وحافلة ومليئة بالنشاط والتنوع من الصباح إلى المساء، ودون أن يعكر صفوها تطفّل أي شخص.
أما في بيئتنا المحلية فإنك لا تجد في أبسط الأحوال “مولاً” يلبي احتياج العائلة من الترفيه، ففي الغالب لا يوجد في كل “مول” سوى مدينة ألعاب صغيرة ومحلات تسوق فقط، حتى أصبحت “مولاتنا” مملة تفتقر للحياة وتفتقر لأهم عناصر الجذب السياحي؛ أعني “صالة السينما” التي أصبحت من العناصر المهمة في صناعة السياحة ومن أهم أسباب سفر العوائل السعودية للخارج. أما الشواطئ فهي غير مخدومة في الغالب، ولا توجد بها مقاه أو مطاعم، ولا أجهزة صرف بنكية، كما لا توجد بها ممرات مفتوحة مطلة على البحر سوى بضعة مواقع صغيرة مزحومة بالناس وغير مريحة.
هذه أسباب أرى أنها تدفع بالسعوديين إلى تفضيل السفر للخارج على البقاء داخل البلد، لكن السبب الحقيقي والحاسم لابد أن يصدر من جهة رسمية معتبرة مثل هيئة السياحة بحيث تضع الأرقام الحقيقية للسعوديين المسافرين للخارج وتجري استبياناً تسأل فيه عن الأمور التي يرغب فيها السائح السعودي ولا يجدها في بلاده، وعندها سنعلم بالضبط لماذا يهرب السعوديون إلى الخارج.
عبدالرحيم الشهري
نقلا عن “الرياض”