إعادة النظر في الابتعاث
يتعرض برنامج الابتعاث الخارجي بين الحين والآخر إلى هجوم من أفراد وجماعات يرون فيه سبيلا نحو تغريب المجتمع وطمس هويته الإسلامية، وذلك انطلاقا من أن البرنامج يعتمد بشكل كبير على الجامعات والكليات المتخصصة في الدول الغربية التي دائما ما كانت عقدة لدى هؤلاء المرتابين من كل شيء.
خلال الأيام الماضية، ظهرت إشاعات تتحدث عن شروط جديدة للابتعاث ستعمل كما قال البعض على الحد من توسع هذا المشروع التعليمي الحضاري الكبير وتطوير مخرجاته، وهي إشاعة تهدف كما كان واضحا من خلال الأصوات التي روجت لها على شيطنة البرنامج والدفع نحو إلغائه تدريجيا تحقيقا لأهدافهم الانعزالية.
نفي وزارة التعليم لهذه الإشاعة كان سريعا وموفقا، إذ أكدت أن المشروع سيستمر، وبالتالي فإن التوجه التطويري ما زال هو الغالب على عمل الوزارة، وهو الأمر الذي يدفعنا للقول بأهمية النظر لمكونات المنظومة بشكل أوسع، وذلك عبر إعادة النظر بشكل أكثر تعمقا بطبيعة التخصصات التي يتم الابتعاث ومدى ملاءمتها مع متطلبات سوق العمل وفق استراتيجية ما زلت أجهل إن كانت موجودة توضح فيها حاجات سوق العمل خلال السنوات القادمة.
لا أعلم إن كانت وزارة التخطيط أو وزارة العمل لديها خطة أو دراسة توضح اتجاهات قطاعات التجارة والصناعة والخدمات والوزارات خلال الأعوام القادمة في التوسع أو التخصص، ولا أعلم يقينا إن كان الابتعاث يضع في عين الاعتبار كيفية توظيف كل هؤلاء الطلبة بعد أن يعودوا بشهاداتهم، فخلال الأيام القليلة الماضية صدمت لمعرفة أن خمسة شباب من أبناء وأخوة بعض الأصدقاء مبتعثون كلهم لدراسة تخصص “التسويق”!
إعادة النظر في برنامج الابتعاث من وجهة نظري أمر ضروري، ولكن ليس من منطلقات التوجس والخوف من الآخر عبر تبريرات فكرية موجهة وغير منطقية، بل باتجاه تحديد التخصصات والمجالات التي يحتاجه الوطن في هذه المرحلة والمراحل القادمة، فما الفائدة أن يكون لدينا المهندسون مثلا ونحن لم نضع قوانين تجبر القطاع الخاص وتدعم توظيف المهندسين والحد من استقدام الأجانب منهم، وما الفائدة من تخريج متخصصين في التسويق وكل شركات التسويق العاملة بالمملكة محتكرة مع الأخوة العرب؟
إعادة النظر في مشروع الابتعاث ليس خطأ ولكن: بأي هدف؟ هو السؤال الأهم.
ياسر الغسلان
نقلا عن “الوطن”