“فوبيا” سعودي
هناك تيار عالمي عقيدته الوحيدة هي معاداة السعودية، بل قل «جبهة» عالمية تشتمل على تيارات متباينة، بل ومتعادية في ملفات أخرى، تجمع بينها فقط كراهية السعودية.
هذا ليس كلاما مرسلا، فماذا يجمع «أصوليا شيعيا» ينتمي للمنظومة الخمينية الفكرية، مع «قاعدي داعشي»، مع «إخواني مخاتل»، مع شيوعي ماركسي، مع يساري متشنج، مع يميني قومي أوروبي؟
إنه كره السعودية والتوتر من أي شيء يتعلق بها، وتضخيم كل أخبارها. الجانب الجيد في القصة هو الدلالة على أهمية البلد عالميا، والجانب السيئ هو تعب الجهد المتواصل لمكافحة هذه الجبهة العالمية النشطة خاصة في الإعلام، وبعض المنظمات المدنية.
السعوديون بشر، والبشر يخطئون ويصيبون، فيهم الكمال والنقص، الرغبة والرهبة، فيهم فضائل البشر وخطاياهم، ولكنْ هناك تركيز شديد عليهم من بين سائر الشعوب والدول العربية والمسلمة.
النقد، حتى الجائر منه، يفترض أن يفيد المنقود، إنْ كان واثقا عاقلا ساعيا لتكثير الجيد لديه وتقليل السيئ.
هذا لا يلغي ضرورة تسليط الضوء على أمشاج هذا الجبهة، من حين لآخر. ومن فوائد هذا تحفيز السعوديين على صناعة خطاب مضاد، فعال، يقظ، في الخارج والداخل. ومن هذا الخارج، بل أهمه، المسرح الأميركي.
بمناسبة أميركا، فقد لاحظ الزميل المجتهد ممدوح المهيني، في قطعة مميزة نشرها في «العربية نت»، وجود تيار معاد للسعودية في أميركا، مروّج لإيران، وكله باسم الحرية وحقوق الإنسان!
يشير ممدوح إلى أن الحساب الرسمي للبيت الأبيض قام ليس فقط بالتغريد لمقال الكاتب الأميركي من أصل هندي «فريد زكريا»، بل أيضا كتب توصية تقول «مقالة مثيرة لفريد زكريا عن لماذا كانت توقعات نتنياهو عن إيران خاطئة خلال الأعوام الـ25 الماضية». زكريا صب جام غضبه على السعودية، وبشّر بربيع التقارب مع إيران. زكريا يمثل شريحة واسعة من يسار الإعلام الأميركي المتشنج ضد السعودية، الجاهل بها، المتقلب في مواقفه، دون معيار، إلا الحضور النشط ضد أي مصلحة تخص السعودية. فمعاداة السعودية عقيدة في حد ذاتها، وأسباب إدمان هذه الكراهية متعددة، ليس هنا موضع الإفاضة فيها.
في 10 مارس (آذار) 2009، قال صاحب هذه السطور عن هذا الإعلامي الأميركي: «مشكلة فكرة فريد زكريا هي في التجريب المستمر في العالم الإسلامي». وكتب مرة الصحافي حسين عبد الحسين، مراسل واشنطن في «المجلة»، عن صحافيين أميركان يعارضون تدخل الولايات المتحدة عسكريا لإنقاذ الشعب السوري، منهم فريد زكريا الكاتب في مجلة «التايم» والمقدم في «سي إن إن». تهكم عبد الحسين على زكريا بكونه يتظاهر بالمعرفة أكثر مما يعرف فعلا خاصة في قصص الشرق الأوسط.
هذه الاستهدافات المنهجية ضد السعودية في الإعلام الأميركي تطرح تحديا لوجوب التوجه الحقيقي والعميق للعمل «المنهجي» المضاد. فنصف المعركة في الإعلام. نحن نعيش فعلا حالة «فوبيا سعودي»، وهيجان انفعالي، ضد المملكة شرقا وغربا.
مشاري الذايدي
نقلاً عن صحيفة “الشرق الأوسط”