الدعوة بين الحياة والموت!
قبل يومين وقف أحد الدعاة الفضلاء بعد صلاة المغرب ورفع صوته قائلا: “حافظوا على الصلاة.. حافظوا على الصلاة في المسجد”.. بدأت وتيرة صوته ترتفع، وكأنه يحدثنا اعتمادا على حباله الصوتية لا على “مايكروفون” يوصل الصوت إلى أبعد مدى.. بدأت ألفاظه تزداد سخونة.. بدأ يحذرنا من التهاون في أداء الصلاة في المسجد.. وكأنه عثر علينا في مقهى “ستار بكس” أو في ساحة تفحيط! وللموضوعية فالذكرى تنفع المؤمنين، الموعظة جيدة، لكنها جاءت في المكان والزمان الخطأ، بل واستهدفت الشريحة الخطأ!
وليست هنا المشكلة، المشكلة أنه استخدم عبارات مُنفّرة.. أذكر منها قوله: “ستموتون فجأة، وربما مات أحدكم في حادث سيارة”!
أدركت -مع تقديري لجهوده فالدعوة شرف عظيم- أنني أستمع لداعية توقفت وسائله إلى ما قبل ثلاثة أو أربعة عقود.. نهضت على استحياء وخرجت، ففوجئت بكثير من المصلين يتزاحمون عند باب الخروج!
قبل سنتين قال وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ “إن مسيرة الدعوة الإسلامية في المملكة تحتاج إلى الكثير من الجهود في تجديدها وتصحيحها ومواكبتها للأحداث وضبطها..”.
هذا أمر جيد.. لكنه “كلام طاير في الهوا”، مشكلة بعض الدعاة -جزاهم الله خيرا – أنهم يتجاهلون واقع الحال، ويغفلون التطورات والتغيرات المختلفة التي حدثت في الحياة خلال العقد الأخير.. ويتناسون خصائص وطبيعة الشريحة المستهدفة أمامهم..
وحينما نتأمل التغيرات الاجتماعية المتسارعة يتبادر السؤال الأكبر: كيف لداعية أن يقنع شابا بذات اللغة التي كان يخاطب بها والده؟!
كيف لداعية أن يخاطب شابا لديه حساب في “سناب شات” والـ”keek” و”إنستجرام” بذات اللغة التي كان يخاطب فيها جيل “البيجر” وهاتف العملة؟!
أرجو فعلا من وزارة الشؤون الإسلامية أن تقوم بتأهيل دعاتها، وتطور أداءهم، وتحيل من يستعصي عليه الأمر إلى التقاعد..
الحماسة وحدها لا تكفي..
صالح الشيحي
نقلا عن “الوطن”