بدعة صلاة الاحتجاج
لو جمعت حشدا من الناس وذهبت بهم إلى مستوصف لا تثق بأطبائه وأقمت الصلاة بين ممراته كي تفصل بين الأطباء والمرضى لكان ذلك أمرا غريبا لسببين: الأول هو أنك تركت المسجد القريب المخصص لصلاة الجماعة واستخدمت منشأة أخرى مخصصة لغرض آخر، والثاني وهو الأهم أنك استخدمت الصلاة كوسيلة للضغط على من تختلف معهم واتخذت منها أداة للتعبير عن سخطك.
وهذا ما حدث في إحدى ندوات معرض الرياض للكتاب، حيث ترك المتشددون ممن يسمون أنفسهم بالمحتسبين المكان المخصص للصلاة وصعدوا إلى خشبة المسرح أو منصة المتحدثين وأقاموا صلاة الجماعة في هذه الندوة التي دخلوها لا للاستفادة مما يطرحه المتحدثون فيها، بل من أجل مقاطعتهم والاحتجاج عليهم ناهيك عن تأييدهم الضمني لجريمة داعش المتمثلة في تحطيم نفائس الآثار العراقية!، ولو شاهد أحد من خارج هذه البلاد صور المتشددين وهم يؤدون صلاة الجماعة فوق المسرح دون أن يعرف ما هو الموضوع لظن أن هذه الصورة مأخوذة من مشهد غير حقيقي أو تمثيلي!.. وهذا فهم ليس ببعيد عن الحقيقة للأسف الشديد!.
بالطبع يصعب على حضور الندوة أو منظميها أن يسألوا هؤلاء الجهابذة: (لماذا تصلون هنا؟)؛ لأن مثل هذا السؤال لو طرح في تلك اللحظة المتوترة فسوف يفسر بأنه موقف ضد الصلاة كعبادة، والعياذ بالله، حيث سعى هؤلاء المتشددون إلى وضع زوار المعرض في حالة اختبار مجانية حول حقيقة تمسكهم بدينهم رغم أنهم ليسوا بحاجة لذلك، فهم ــ بإذن الله ــ مواطنون من بلد الإسلام، بل وقد يكون بينهم من هو أكثر حرصا على الدين من هؤلاء المتشددين غريبي الأطوار.
وأتمنى من أهل العلم أن يفتونا في هذه الظاهرة الجديدة، فهل يجوز استخدام صلاة الجماعة كوسيلة للمناكفات الفكرية وأداة للتعبير عن الاختلاف في الرأي، أم أن صلاة الاحتجاج بدعة ما أنزل الله بها من سلطان قد تخرج الفرض عن مقاصده؟.. فالواضح هنا أن صلاة الجماعة إذا جاءت على هذا النحو، فإنها تفرق ولا تجمع.. أفتونا جزاكم الله خيرا.
خلف الحربي
نقلا عن “عكاظ”