الدولة السعودية الثابتة!
منذ اليوم الأول لرحيل الملك عبدالله وتولي الملك سلمان سدة الحكم في المملكة، انشغل الكثيرون بما سيتغيّر في العهد الجديد، وما هو المتغير في التحالفات الإقليمية، وما سيتغير في المملكة مع انخفاض أسعار النفط، وهل سيكون ذلك انكماشاً للمملكة على الداخل؟
البعض ذهب إلى تسمية عهد سلمان الدولة السعودية الرابعة، وأنا أفضل أن أسمي الدولة السعودية ومنذ عهد المؤسس حتى اليوم الدولة السعودية الثابتة، وهذا ما أكد عليه الملك في كلمته حيث قال: «لقد أسس الملك عبدالعزيز رحمه الله وأبناء هذه البلاد دعائم هذه الدولة، وحققوا وحدتها على هدي من التمسك بالشرع الحنيف واتباع سنة خير المرسلين، وخلال العقود التي تلت مرحلة التأسيس إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، ودولتكم تسير على خطى النمو والتطور بكل ثبات».
هذه الديمومة في النهج والمصالح العليا للدولة تعكس رمزية تماسك الحكم في المملكة المترامية الأطراف، ولهذا يجب إدراك أن السعودية كانت وستظل ثابتة في نهجها تجاه العالمين العربي والإسلامي، وستظل نصيرة لخيارات الشعوب، مدركة أعداءها بوضوح، وما يتهدد العالم من خطر الإرهاب، والسعودية جزء من هذا العالم، ولفت لذلك الملك عبر ذكره أن «الأمن نعمة»، وبالتأكيد لا تنمية بلا أمن. عهد الملك سلمان هو عهد الحسم والإنجاز، إذ كان تثبيت أركان الحكم، والإعلان المباشر عن ولي العهد وولي ولي العهد مصدر راحة للسعوديين، ولكل محب للمملكة، وما حمله ذلك من شكل للمستقبل وكيفية انتقال الحكم إلى الجيل الثالث.
الملك سلمان والذي كان دوماً قريباً من المواطنين، وهو يحكم محلياً المنطقة التي كانت تمثل نصف الكثافة السكانية السعودية، يتضح من خطابه إدراكه العميق لحاجات المواطنين أو لكل ما يؤرقهم، ومن أبرز هذه المشكلات مشكلة الإسكان، والتي وضع لها المال والدعم من الملك عبدالله، ولكن لم ينجز بعد المستوى المرضي للمواطنين.
وكوطن عماده الشباب، كان الحديث عن التعليم والوظيفة دليلاً على إدراك تام لمكامن الخلل، عبر الفجوة السابقة بين مخرجات التعليم العام والجامعات، ما يسبب بالنتيجة فجوة أخرى بين مخرجات التعليم الجامعي وسوق العمل، ومن هنا كان دمج الوزارتين كوزارة تعليم أمراً مهماً، على مستوى أهم استثمار في الإنسان وهو التعليم.
وكان تالياً لحديث الملك عن التعليم، حديثه لرجال الأعمال وعن واجبهم تجاه وطنهم، إذ قدم لهم الوطن بنية تحتية تساعد في تطور أعمالهم، وهي بيئة تحتية في طريقها للتقدم أكثر، مع انتهاء مشاريع القطارات، وقدم لهم الأهم وهو شباب تعلموا في أفضل جامعات العالم، وكذلك خرجين أكفاء من جامعات سعودية عدة أيضاً، وهنا يأتي دور رجال الأعمال في إيجاد الفرص الوظيفية لهذه الكفاءات. الملك سلمان خلال كلمته الأخيرة التي مثلت الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة، والتي قالها الملك قبل حتى أن يكمل يومه الـ50، كانت لوضع آخر النقط التي تحتاجها الحروف، والنهج الذي سيتخذه الوزراء، خصوصاً مع قبتي المجلس الأمنية والاقتصادية، والتي يتضح من تشكيلها الحرص على الإنجاز. السعودية ستبقى بإذن الله قلب العالمين الإسلامي والعربي، وكان مهماً التأكيد في الكلمة، على الاستمرار في السعي لتضامن عربي، حضور المسؤولين من وزراء وعلماء وغيرهم، هو إشراك لهم في هذا البرنامج الواعد، وتحميلهم المسؤولية أمام الشعب.
عبدالرحمن الطريري
نقلا عن “الحياة”