زوجة الأب الظالمة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
يحدثني أحد الأصدقاء أنه تعرض هو وعائلته لحادث مروري في صغره نتج عنه وفاة والده ووالدته – رحمهما الله – ولم يبق من الأسرة إلا هو وإخوانه الصغار، فقامت زوجة والده الثانية بكفالتهم وأحسنت تربيتهم مع أولادها، وكانت تبذل من أجلهم كل ما تستطيع حتى شبوا وأصيبت بمرض عصبي أفقدها عقلها جراء الضغوط التي تعرضت لها!
اليوم هو يسعى لرد الجميل لهذه المرأة العظيمة!
ومع ذلك فلا أرى أن هذه المرأة نادرة في مجتمعنا، فمثلها من نسائنا كثير – ولله الحمد – فلدينا نساء هن مثال للخوف من الله والرقي والتضحية من أجل الآخرين وبهن والله نفخر، فهن أنموذج عالمي يستحق التسويق والتقديم في عالم سيطرت فيه الماديات وشوّهت فيه المعاني السامية!
لدينا ناجحون وناجحات كثر، نشأوا أيتاماً فتولت زوجات آبائهم تربيتهم وعاملنهم كما يعاملن أولادهن ومازالوا يشعرون لهن بالفضل والتقدير فهن أمهاتهم اللاتي لم يلدنهم!
المشكلة في حملة التشويه الواضحة والموجهة ضد زوجة الأب، والتي تقودها الدراما الخليجية مختلة البوصلة منقادة خلف الدراما العربية التي عقمت عقول مؤلفي قصصها فلم يجدوا ما يجذب المشاهد، إلا من خلال التركيز على أسوأ ما فينا وتعميمه، وكأنه الأصل في مجتمعاتنا!
مثل هذه الأعمال التي تصب على رؤوس المجتمع ليلاً ونهاراً وبأقصى درجات إثارة العواطف، لها آثارها الخطيرة على أجيالنا، فماذا سيكون شعور اليتيم تجاه زوجة والده وهو يرى هذه المسلسلات التي تتفنن في وصف زوجة الأب بأنها شيطان يسعى لإيذائه بكل وسيلة؟!
وحتى ترى الأثر يكفيك أن تقارن علاقة أجيالنا الحاضرة بزوجات والديهم بالأجيال الماضية الذين كانوا لا يعرفون زوجات والديهم إلا على أنهن أمهاتهم!
نحتاج من الجميع أن يدرك الخطر، فدور زوجة الأب خطير جداً، وكثير من الوالغين في السوء لو عرض عليهم هؤلاء الأيتام الذين ترعاهم، لتهربوا منهم ورأوهم حملاً يصعب الالتزام بمسؤوليته!
لنعطي زوجة الأب مكانتها اللائقة إن كانت صالحة، ونسعى في إصلاحها إن كانت غير ذلك، ولن يعالج الموضوع إلا وعي الأب والمجتمع وألا نكون عوناً للشيطان عليها بجعل سوء الظن هو الأصل في نظرتنا لعلاقتها بأبناء زوجها، والتساهل في نشر القصص المكذوبة والاتهامات الباطلة عنها!
شلاش الضبعان
نقلا عن “اليوم”