وش يقولون علينا الناس
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
سيأتي من يقول لي إن ما أعرضه لن يلقى استحساناً ولا حماساً، فشخصيتنا الاجتماعية لا تُساعد على إتمام مشاريع اقتصادية تحفظ الأموال، ولا مانع عند البعض من الاستدانة ليكمّل الأبهة في حجز صالات الزواج الباهظة التكاليف لإرضاء نزوة أو لمماثلة الغير. ونغمة “وش يقولون علينا الناس” تتحكم في العقل والمنطق والسلوك.
لا أعرف لماذا تخلو مدننا قاطبة، صغيرها وكبيرها، قديمها وحديثها من المرافق التي توحي للمجتمع بأنه يعيش على نحو متماسك، ومُتّصل، وكتلة، وملتحم. في بلدان أخرى، وقد تكون أنشئت قبل القرون الوسطى، مرفق يسمّى «القاعة المشتركة» (كوميونيتي هول) community Hall تُعدهُ السلطة البلدية، ويكون ضمن مخطط إنشاء المدن، ويوجد في كلّ حي أو مربّع سكني، نظامي لا يجوز للسلطات البلدية ولا لأحد من الأهالي الاستحواذ عليه أو على أرضه قبل إنشائه، ويلقى المتلاعب في إهمال حق الناس في الحصول على هذا المرفق جزاءً يصل إلى السجن والغرامة والعزل الوظيفي والاجتماعي.
ذاك المرفق ملك للناس، خاصة أهل الحيّ أو أهل المربّع السكني. يستعملون قاعته لأفراحهم ومناسباتهم الصغيرة والكبيرة ويجد المرء فيه السلوى والمنفعة والفائدة. ويمكن أن يكون بديلاً للنادي. فيه خدمات ذات تكلفة رمزية كالحلاقة وتصفيف الشعر.. وفيه الاستشارة القانونية البسيطة والعاجلة. وفيه أيضاً رعاية طبيّة وبأتعاب في متناول محدودي الدّخل. وتقام فيه مزادات فنية.. كذلك تجرى فيه عمليات التصافق (تبادل الحاجيات حسب المنافع). ويوجد فيه أيضاً لوحة بالمُتيسر من الوحدات السكنية بيعاً أو إيجاراً. توجد في القاعة أيضاً صالة مناسبات يمكن للناس العاديين استئجارها بأجور رمزية، وأسماء شركات التغذية المعروفة لدى المُجمّع بنظافتها وأمانتها.
وتجاوزت بعض المدن في الغرب ذلك بأن وضعت في متناول الروّاد المسابح وحمّامات البخار. والمؤهل الوحيد هو أن يكون طالب العضوية من سكان الحي.
وجود مثل هذه المنافع – في رأيي – يجعل الناس يحسّون أنهم في مجتمع مدني متكافل.
عبد العزيز المحمد الذكير
نقلاً عن صحيفة الرياض