نصيحة إلى المرأة السعودية : مكانك ليس هنا!

حتى الثلوج التي تجيء متقطعة وعابرة، نالت نصيبها من المرأة، فكانت المعلمة من ضحاياها حين أصبح الثلج على الطريق مصيدة وفخاً يشتم رائحة النساء وينجذب إليها، بينما يتزلج الرجال ويبادلون الثلج المودة ومظاهر السطوة. اللافت أن حوادث الطرق تنال المعلمات من دون المعلمين، فهل هي تأديب لهن حتى يركن إلى بيتوهن، أم أن السائق يحاول التلصص على زبائنه فيسهو عن الطريق وينشغل عنه؟

حين نشطت هيئة السوق المالية وكشّرت عن أنيابها اصطادت امرأة ما كانت تمنح توصيات هاتفية، فتقاطر إليها مغفلو السوق يسمعون كلامها وينفذون توجيهاتها، أما زملاؤها الذكور فلم يمسسهم ضرر، على رغم أن الوصول إليهم أيسر، وتاريخهم في هذا الحقل أكثر عراقة.

حين تريد المرأة أن تتعلم، تنال اللعنات والاتهامات، وتتعرض لكل أشكال الهجوم، باعتبارها ممثل الشيطان والناطق باسمه، فما أن تخطو خطوة إلا كانت بأمر منه، وتحقيقاً لمخططاته، فليس لها إلا بيتها وتربية أبنائها أو الثرثرة مع ضرائرها، إلى أن يعترضها سيف الطلاق، فتخرج بلا علم أو مال أو كرامة.

إن فكرت المرأة في قيادة السيارة، أو تساءلت عن سبب منعها، لا يأتيها الرد لأسباب نظامية، أو لمبررات سياسية، بل تتساقط عليها الحمم الشاملة لكل العبارات المشينة، كأنها وعاء الفساد ومنبته، ثم يبلغ احتقارها وتهميشها درجة اتهام الرجال المسمين بالليبراليين والمستغربين والفاسقين وغيرهم أنهم هم الذين حرضوا وتآمروا وكأن المرأة جارية تقاد أو مجرد دمية عرائس لا تعبر عن أي شيء ما لم تتحرك الخيوط الخفية. المرأة قاصرة فلا يفكر أحد في انتقادها لأنها ليست على مستوى الندية بل يعاتب الرجل الذي ساندها أو شجعها، أما هي فلا ثقة بها أو حسن ظن.

حين تريد الخلاص من زوج ظالم أو غير مناسب يتطلب منها الأمر التردد أشهراً وممارسة مجون لفظي تفضح به كل تفاصيلها الخاصة، فإن نالت حكم «الخلع» ردت إليه كل شيء وهربت تنشد السلامة فقط.

تتعرض إلى القمع إن نالت مرتبة أو شهادة عالية أو حققت نجاحاً اقتصادياً أو إبداعياً، فلا بد من كفيل يتولاها ويقرر شأنها حتى إن كان أقل منها قيمة ومعرفة، فالمهم أنه رجل وإن لم يبلغها فسيولوجياً.

تنال المرأة الشتائم والاتهامات بقدر نجاحها كأنه الماء الذي يسقي هذه النزعة العدائية ويشد عودها، ولا تنال المديح إلا بمستوى خنوعها واستكانتها.

هذا مجتمع ليس للمرأة فيه مكان إن سطت عليها وساوس الحقوق والامتيازات، أو كانت ضحية المغرضين والمتلاعبين، خصوصاً أنها تتمتع بأربعة خيارات كاملة: بيت أهلها ثم سكن زوجها ثم قبرها، فضلاً عن السجن حديث الدخول إلى الخيارات.

لا يوجد شيء اسمه المرأة، إنما مراحل حياتية هي: الابنة والزوجة والأم والمرحومة، أما ما عدا ذلك فهو تغريب وغزو، ومن كانت امرأة فلا مكان لها.

جاسر الجاسر

نقلا عن “الحياة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *