لماذا يتطرّفون؟.. سؤالٌ غبيّ!

السؤال الذي يخرج نباتُه نكداً هو ذلك السؤال الذي يقدّ خاصرة حاضنة التّطرف فيأتي على هذا النحو: (لماذا لا يتطرّفون)؟.. وقد التقمت أفواههم أثداءه وهم ما زالوا رُضّعاً فاكتست عظامهم من لحم ركام نصوص قد طفِح بها تراثٌ لم ننهض بعدُ لتطهيره على النحو الذي نحفظ به جلال الإسلام وجماله.. وما موقفنا من القرآن ومما صحّ من السنة إلا دليل على أنّنا لا نفتأ في كل مرحلةٍ تأريخيةٍ من أن نجعلَ من المتن هامشاً في حين قد بتنا لا نبرح أرضاً هشّة إلا وقد أقمنا فيها كلام الرجال مقام كلام الله تعالى.!

وإنّ الحفر في طبقات خطاب: «الجهاديين الجُدُد» ومحاولة تفكيك آليات تشكّله ستُحيلك ضرورةً إلى الداخل من حجيرات: «دورنا» حيثُ كانت النشأة الأولى إذ أعدنا سيرتها ثانيةً على وجهٍ من التّحريض الذي لا قِبَل لنا بمغالبة إغرائه.!
ومن أشار إلى الشيطان بكلتا يديه متهماً إياه بصناعة: «التّطرف» فقد أبانَ هو الآخر عن جهله المطبق ذلك أن التطرف في أصلِ تخلّقه كان بذرةً قد دسسناها غرساً في أحواض تملؤ أفنيتنا وما لبث فينا ممن هم الأعلون (صوتاً) أن سقوها بماء «الموت» فأنبتت من كلّ بيتٍ: «داعشيّاً» وأخاً له لم يُتّفق بعدُ على تسميته!!

كم هم الذين سيُفجعون حين يشتغلون ولو لبعضٍ من الوقت على تحليل: «الخطاب المتطرّف» وتفكيكه إذ لا يحتاجون إلى كثيرِ وقتٍ حتى يتبيّن لهم شأنُ المرجعيّة التاريخية/ والتراثيّة والتي بدورها كانت المسؤولة عن تشكيل: «القاعدة» الصّلبة لفقهيات هذا الخطاب ومسوّدات نصوصه الأولية..! الأمر إذن هو أكبر من قولبته جغرافيّاً وبإمكانكم أن تسألوا التاريخ: عن أولئك الذين يترسّخ اعتقادهم الجازم- يقيناً لا مريةَ فيه – أنهم وحدهم دون سواهم من يفهم الإسلام على صورته الصحيحة تنزيلاً وهم الأصوب في ممارسته تأويلاً.؟! يأتي هذا الاعتقاد بدفعٍ من إفراطٍ غالٍ في: «الطهرانيّة» والتفافاً مبالغاً فيه على دال: «الطائفة المنصورة» بقراءة مغلقةٍ فيها من سرف التزكية ما يجعلها إلى الفهم الفاسد أقرب.!

وليس بخافٍ أنّ التّطرفَ لم يزل مرتهنا بسياقٍ فقهيٍّ مضروبٍ في شقه المقاصدي وله في الحاشية فتاوى ذات ملابساتٍ تاريخيّة تحكم اليوم حراك: «المتطرفين» ومن قبل فإن هذا الفقه المنقوص وتلك الفتاوى المرحلية هي مَن كانت تشتغل على تغذية مواقفهم المتشدّدة على نحوٍ يشعر معه المنتسبون لهذا: «الخطاب المتطرف» أنهم يسيرون على هديٍ من تأصيل شرعيٍّ!

خالد السيف

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *