الخوارج على الحدود السعودية

الدولة المسماة بالإسلامية في العراق والشام “داعش” استطاعت أن تفكك لنا كل طلاسم التنظيمات الإرهابية، وأسقطت وهما كبيرا طالما ردده الكثير من أن الإرهابيين أناس جهلاء غير متعلمين. الدواعش استطاعوا باقتدار أن ينسفوا هذا الوهم ليؤكدوا لنا أن الإرهابيين ليسوا جهلة، فلديهم خبراء في المجالين العسكري والإداري، ويمتلكون المهارات العالية في خوض حرب الدعاية الإلكترونية ونجحوا فيها على نحو غير مسبوق، بل ويمكن القول إن عام 2014 بالنسبة لـ”داعش” هو عام “تويتر” بامتياز.

الجريمة الإرهابية على المنفذ الحدودي السعودي في عرعر، التي استشهد فيها رجال من حرس الحدود – رحمهم الله تعالى – هي في نظري جزء لا يتجزأ من الحملات الدعائية التي يقوم بها التنظيم حتى يحظى بالاهتمام الإعلامي والدولي على أنه صاحب قدرات عالية فوق إمكانات “البشر” وأنه لا يقهر أمام الجيوش التقليدية. السؤال المطروح: هل يشكل “دواعش الخارج” خطرا حقيقيا على المملكة؟ هل سيشن “الخوارج” في الأيام القادمة عمليات إرهابية ضد المملكة؟
الإجابة عن هذا السؤال يمكن استنتاجها من خلال الأخبار التالية التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية:
الخبر الأول: ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أنه في 20 أغسطس 2014 قام تنظيم “داعش” بإعدام المسؤول الأمني المدعو “أبو عبيدة المغربي”، وهو بلجيكي من أصل مغربي الذي يعتبر بمثابة “رئيس المخابرات” بعد تأكد ضلوعه بالتخابر مع استخبارات غربية.

الخبر الثاني: في 20 سبتمبر أعلن داعش أنه قام بإعدام “أبوعبدالله الكويتي” المسؤول الشرعي للتنظيم في ريف دير الزور بتهمة العمالة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه”.

الخبر الثالث: في 20 ديسمبر كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن التنظيم الإرهابي أعدم 100 من مقاتليه الأجانب حاولوا الفرار من مدينة الرقة شمال سورية.

الخبر الرابع: في 23 ديسمبر أعلن تنظيم “داعش”، في شريط مصور اعتقال خلية مؤلفة من أربعة من عناصره يتحدثون اللغة التركية، خططوا للانقلاب عليه، و”زعزعة الأمن” في مناطق سيطرته، وقدموا على أنهم يتبنون أفكارا دينية أكثر تشددا من تلك التي يعتمدها هذا التنظيم المتطرف.

الخبر الخامس: قام “داعش” بإعدام “أحمد عطا الله المجالي” وهو أحد المسؤولين العسكريين في دير الزور، بعدما اكتشف أن “المجالي” هو نقيب في سلاح الجو الملكي بالجيش الأردني، وقد قام بالقدوم إلى سورية لاختراق الجماعات الإسلامية، حيث انضم إلى جبهة النصرة ثم بايع تنظيم “داعش”.

هذه الأخبار السابقة تدل وبكل وضوح على تزايد حالة الإعدامات بتهم العمالة في أشهر بسيطة، وهذا المستوى الكبير من الاختراق هو مؤشر واضح على الاهتراء البنيوي وأن التنظيم بدأ يأكل نفسه بنفسه. لقد فطن عدة خبراء ومحللين إلى أن أكبر مصدر لقوة “داعش” لا يكمن بأي حال في قدراته العسكرية، أو تكتيكاته الاستراتيجية على أرض المعارك كما يتصور الكثيرون، ولكنها تعتمد على الأعمال التسويقية والدعائية في بث حالة الرعب. ولذلك قد يشن الدواعش هجمات على حدودنا الآمنة المؤمنة لكنها لا تعدو سوى هجمات ذات طابع تسويقي وإعلامي لا أكثر. نعم، يجب أن نأخذ كل الاحتياطات الأمنية في مواجهة الخطر الداعشي، لكن الأهم في نظري هو التركيز في مواجهة حواضن الإرهاب “دواعش الداخل” التي لولاها لما تمددّ “داعش” إلى الحد الذي بات يمثل فيه خطرا حقيقيا على العالم بأسره.

علي الشريمي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *