من يحاسب المقصّر على سوء أدائه؟!

الثلاثاء الماضي وفي جلسة مجلس الشورى، تحدث بعض الأعضاء عن تقرير وزارة الشؤون الاجتماعية ووصفوه ب«المرتبك والسطحي والإنشائي ولم يتضمن معلومات دقيقة» وكأي مناقشات نقرأ التعليقات عليها نجد أن الكلمات والنقد، والتدقيق بالنواقص التي نشهدها في الوزارات ومؤسسات الدولة لا تتعدى ما يقال بالمجالس أو يكتب بالصحف المحلية و«تويتر» أو المناقشات التي نراها على المحطات الفضائية.. أي إن الانتقال من القول للعمل وإلزام تلك الجهات بأداء دورها كاملاً أو جعل المساءلة تخرج من إطار الصوت والصورة، إلى الميدان الحقيقي بما فيها تحميل كل مسؤول أي تقصير، هي النواقص الحقيقية في المحاسبة..

العجيب أن بعض الوزراء أو من وصلوا إلى المراكز العليا بالدولة كانوا دعاة إصلاح ونقد واقتراحات لإنجازات ذهبت بهم إلى صفوف الرأي العام من المواطنين، لكن تلك الشعلة انطفأت بمجرد وصول صاحبها للكرسي الدوار فتحول إلى «بيروقراطي» لا يهتم إلا بما تبثه وزارته ومؤسسته عن الاجتماعات والانجازات والخطط الخمسية والعشرية، لكنها حين تخضع للواقع ليست إلاّ تقارير على الورق، وهذا ما جعل مجلس الشورى لا يأخذ الاهتمام من قبل المواطن لما يطرحه كمفهوم للعامة قبل الخاصة، وبالتالي ما هو المردود من الصوت إذا كان لا يتعدى قاعة الاجتماعات ثم يذهب المسؤول إلى مكتبه دون اكتراث بما قيل وما سيقال؟..

لنأخذ مثلاً تعطل المشاريع، الشركات المحتكرة تدعي أن المستخلصات لم تصرف وأن المشرفين هم السبب، والوزارات تنفي، ولكننا نجد أن مبالغ المشاريع تعاد جدولتها في ميزانيات الأعوام القادمة، ومع وجود أجهزة رقابة وأنظمة وقوانين لا نجد من يهدينا إلى السبب، ولا إدخال شركات دولية أخرى لديها الكفاءة والانجاز وانضباط العمل كما كنا نشاهده بالطفرة الأولى للشركات الكورية والتايوانية؟..

أيضاً وعلى نفس الوتيرة الكل ردد قضايا البطالة والتوظيف والسكن وتقصير القطاعين الحكومي والخاص، فلا وزارة العمل أعطت مردوداً حقيقياً لمعالجة المشكلة من جذورها حتى إن بلدان مصادر العمالة هي من تفرض شروطها وأجورها علينا ولا تطبق على دول خليجية مجاورة، لأن مواضع الضعف في ترك هذه المسؤولية وكأنها عرض وطلب كأي سلعة أدخلها في قوانين التجارة لا نظام العمل، وقس على ذلك الوظائف الشاغرة في الدولة وشبه المسكوت عنها لأسباب مجهولة..

أما وزارة الإسكان فأجمل ما فيها كثرة ظهور مسؤوليها وتبرير ما يريدون نفي أي تقصير عنهم تماماً مثل مؤسسة التدريب المهني التي فاقت نشراتها وإحصاءاتها عن المنجزات الكبرى كل شهر ما يفوق كل أرقام ما تصدره الاحصاءات العامة في عام، والنتيجة معروفة وسبق أن تعرض لها مجلس الشورى وعرف سوء إدارتها ومنجزها الذي لا نراه إلا على الورق، أو من خلال الاجتماعات التي تدعى لها قوائم من الدول ومؤسساتها لتحتل بالصور الملونة الحدث العظيم في مديح المؤسسة والقائمين عليها..

إتاحة الفرصة للنقد جزء من أهداف خادم الحرمين الشريفين لقول الحقيقة لكن هل من أُعطوا الأمانة بمستوى آماله وعطاءاته وتوجيهاته، أم أن السلسلة طويلة تحتاج إلى أداء جيد بأشخاص يملكون التأهيل والعمل؟..

يوسف الكوبليت

نقلا عن “الرياض”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *