(رمزية التصفيق) الأهم في (الشورى): يا أمة… إلخ!!

لم أكن أعلم أن (التصفيق) محظور تحت قبة (مجلس الشورى) حتى قرأت الخبر الذي نشرته (الوطن) يوم الاثنين الماضي، وتم تداوله في وسائل التواصل على نطاق واسع، وساخر، يقول الخبر (الظريف): (بعد أعوام من الصمت والجدل الخفي حول آلية الترحيب بالضيوف القادمين تحت قبة مجلس الشورى، توصل المجلس أمس، إلى حل جذري بتجاوز حالة الحرج بإقرار ممارسة «التصفيق» من باب الترحيب بالضيوف والزوار.

وفيما سجل عضو المجلس القاضي الدكتور ناصر بن داود، أولوية المبادرة في ضرورة رفع باب الحرج عن المجلس مع ضيوفه، ودعوته في مداخلة له لإرساء «التصفيق» تحت القبة، كوسيلة تعبيرية تجمع عليها شعوب الأرض قاطبة، أكد في مداخلته، أن تلك الممارسة «أفتى بجوازها الشيخان علي الطنطاوي والشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين، رحمهما الله»، مؤكدا أن ذلك لا يتعارض مع شرع الله.

من جهته، علمت «الوطن» أن رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ، طرح توصية التصفيق للتصويت، إذ جاءت النتيجة بتأييد الغالبية باستثناء معارضة من اثنين إلى ثلاثة من الأعضاء فقط).

ومع تهنئتي للمجلس العزيز بهذه النتيجة التي خرج بها من عباءة التشدد في أمور لا معنى لها، فقد ذكرني هذا الخبر بمشهد رأيته منذ سنوات، وكتبت عنه في حينه، ففي إحدى دورات المجلس السنوية التي يفتتحها الملك، وعند وصول الملك وولي العهد تم عزف السلام الملكي، وكان هناك مجموعة من أعضاء الشورى في المقدمة لا يلبسون العقال، ولم يقفوا كبقية الحضور، ومثل الملك وولي العهد أثناء النشيد الوطني، وكان ذلك مستغربا من أعضاء في الشورى، فالتشدد في مثل هذه الأمور الطبيعية، يعبر عن عقلية متشددة بل ومتطرفة، وقد صفق الجميع عدة مرات في ذلك الحفل، وكنت أظن التصفيق مسألة اعتيادية في المجلس، ويروى عن الملك فيصل رحمه الله، أنه أثناء تشريفه لحفل تبرعات القادرين عند تأسيس جامعة الملك عبدالعزيز، كان الحاضرون يصفقون لكل تبرع يتم الإعلان عنه، فتحدث أحد المشايخ إلى مقدم الحفل وطلب منه أن يقول للحضور بألا يصفقوا بل يقولوا (الله أكبر) ففعل، لكن ما إن أعلن عن المتبرع التالي حتى رفع الملك يديه مصفقا فتبعه الحضور حتى نهاية الحفل، ولم نسمع بأحد بعد ذلك يحظر التصفيق، إلا بعد تمكن ما سمي بالصحوة في مفاصل الحياة السعودية، لكن الآن بدأت في التلاشي منذ أن رأينا نتائجها المؤلمة، ولم أكن أظن أن المسألة وصلت مجلس الشورى، وأن التصفيق محظور تحت قبته وقد مضى من عمره أكثر من عشرين سنة.

هناك كثيرون سخروا من الأمر واستتفهوه، وهو كذلك، لكنه مؤلم حد الوجع عندما نتأمل الرمزية العميقة لحظر التصفيق طيلة عمر المجلس، وَيَا أمة … الخ!!.

قينان الغامدي

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *