وفاء الحسن.. أنامل تنسج الأناقة وتصمم العطور

حجم الخط |
- A+
- A
- A-
في زوايا المشغل، حيث تمتزج رائحة الأقمشة الفاخرة مع وهج الخيوط الذهبية، تجلس وفاء الحسن بانسجام تام مع إرثها العريق، تحيك البشت النسائي كما لو كانت تكتب فصلاً جديدًا في كتاب التراث، ليس مجرد قماش يتناغم مع التطريز، بل موهبة نمت وقصة تنسجها أنامل خبيرة، تربط الماضي بالحاضر، وتحمل البشت النسائي من خانة الملبوسات إلى فضاء الهوية والتاريخ.
الغوص في بحر الحرفة
لم يكن الطريق معبّدًا بالحرير، بل احتاجت وفاء إلى الصبر، والدقة، والانغماس في عالم البشوت بكل تفاصيله، منذ أن التحقت بالمعهد الملكي للفنون التقليدية، أدركت أنها أمام إرث عريق يتطلب أكثر من هواية ومهارة، بل شغفًا وولاءً للصنعة التي لطالما كانت رمزًا للوقار والهيبة في الخليج، تعلمت خياطة البشت وفقًا لأدق الأساليب التقليدية، ثم أضافت لمساتها الخاصة، لتمنح البشت النسائي بريقًا جديدًا يجمع بين الفخامة والكلاسيكية العصرية.
رداء من الفخر والهوية
على عكس البشت الرجالي، يتميز البشت النسائي بانسيابية راقية وتفاصيل دقيقة، فهو ليس مجرد قطعة ملابس، بل لوحة فنية تعكس شخصية المرأة العربية. تصاميم وفاء لا تلتزم فقط بالألوان التقليدية مثل الأبيض والأسود والذهبي، بل تتجدد بروح العصر، فتستخدم ألوانًا ملكية كالأحمر القاني، والأزرق الزمردي، مع تطريزات غنية مستوحاة من نقوش التراث السعودي، لتحوِّل كل قطعة إلى تحفة تحكي قصة المرأة التي ترتديها.
إحياء التراث في محطات المترو
لم تتوقف وفاء عند المشغل، بل خرجت بهوايتها وفنها إلى الناس، فهي تحمل بكالوريوس خدمة اجتماعية، وتكتب الكثير من النصوص المسرحية، وتمتهن تصميم العطور وصف الشعر، إلى جانب مواهبها التي انطلقت في صناعة البخور الحساوي وصياغة المعادن والأحجار الكريمة، كما شاركت في فعالية يوم التأسيس بالتعاون مع “ورث” ومترو الرياض، مقدمة عروضًا حية لخياطة البشت النسائي أمام الزوار. هناك، لم تكن الإبرة تمر فوق القماش فقط، بل كانت تحيك الوعي الثقافي، وتروي للجيل الجديد كيف ظل البشت رمزًا للأصالة، وكيف يمكن الحفاظ عليه بأسلوب يواكب العصر.
قطعة من الروح
تؤمن وفاء أن كل بشت تصنعه يحمل جزءًا منها؛ من وقتها، من شغفها، ومن ذاكرتها التي تحتفظ بصور النساء الأنيقات في المناسبات وهن يتألقن بقطعة صنعتها بإتقان. رحلة البشت من القماش الخام إلى قطعة فاخرة تستغرق أيامًا وأحيانًا شهورًا، فكل تفصيل يُنفّذ بحب، وكل غرزة تحمل بين طياتها تاريخًا لا يتكرر.
بين الخيط والإبرة
اليوم، أصبح اسم وفاء الحسن علامة فارقة في عالم البشوت النسائية، ليس فقط لأنها أتقنت الحرفة، بل لأنها أحيتها بروح متجددة. بين أصابعها، لا يُطرَّز القماش فحسب، بل تُطرَّز الأحلام، وتُصنع الهوية من جديد، لتبقى المرأة الخليجية متألقة بوشاح الفخر والأناقة، تمامًا كما أرادت وفاء أن تكون.
دور هاوي في إبراز الهواة
خلال حديثها عن رحلتها في عالم البشوت النسائية، أشادت وفاء الحسن بجهود بوابة هاوي في دعم المواهب السعودية بمختلف مجالاتها، مؤكدةً أن مثل هذه المنصات تساهم بشكل كبير في إبراز الهواة، وتوفر لهم مساحة للنمو والتطور. وقالت: “بوابة هاوي تمثل نقلة نوعية للهواة في المملكة، فهي لا تقتصر على إبراز المواهب فقط، بل تتيح لهم فرصًا للتواصل مع المختصين، والمشاركة في الفعاليات، وتطوير مهاراتهم ليصلوا إلى الاحترافية. وجود منصة بهذا الحجم والاهتمام يعكس مدى تقدير مجتمعنا للإبداع والتراث، ويدفع المزيد من الموهوبين للظهور والتألق.”