لماذا تكتب؟!

محمد البكر

بعد كتابتي لأحد المقالات التي أثارت بعض الردود المتناقضة بين مؤيد ومعارض ، وبعد ما وصلني أن أحد المعنيين بالمقال أخذ مني موقفاً سلبياً باعتباره المسؤول عما كتبت عنه وأشرت إليه . سألتني ابنتي وهي في سنتها الأولى الجامعية سؤالاً جعلني أتوقف عن تكملة الكتابة في تلك اللحظة . وكان السؤال هو: لماذا تكتب طالما أنك لا تتقاضى مكافأة عن كتاباتك ، بالإضافة إلى أنك تخسر بعض من تكتب عن مسؤولياتهم تجاه بعض القضايا !؟ . سؤال من وجهة نظري ” عميق ” ربما أكثر مما قصدته ابنتي.

حاولت أن أشرح لها أن هناك الكثير من الأعمال التي يقوم بها الإنسان تكون بلا قيمة معنوية إن هو أخذ مقابلها قيمة مادية . هذا لا يعني أنه في غنى عن المردود المادي ، لكن الرسالة التي يحملها الكاتب تجاه مجتمعه ووطنه يجب أن تكون أهم بكثير من المال.

هناك الكثير الكثير من المبادرات والأعمال التي يقوم بها الإنسان الواعي بلا مقابل ، بل لا ينتظر حتى كلمات الشكر والتقدير . فلو أنتظر كل من يعمل عملاً دون مقابل من يشكره ، لتوقفت رسائل كثيرة في هذه الحياة ، ولتعطلت الكثير من أعمال الخير والتطوع.

هذا الكلام يجرنا إلى أمر مهم لأي مجتمع وهو ثقافة العطاء دون مقابل . فثقافة العطاء من أنبل الخصال التي يتمتع بها أصحابها عن بقية الفئات المجتمعية التي لا يهمها من هم حولها بقدر ما يهمها المردود الذي يمكن أن تجنيه.

ليس مهماً أن يكون العطاء مادياً . فالابتسامة عطاء ، ومساعدة كبير السن لعبور شارع هو عطاء ، وإيصال حوائج الناس للمسؤولين عطاء ، وتخفيف آلام المفجوعين عطاء . كل هذه الأعمال وغيرها هي عطاء ينتج مجتمعاً متماسكا.

ربما لا أبالغ إن دعوت لأن تكون ” ثقافة العطاء ” ، مادة رئيسية في مناهج المرحلة الدراسية الابتدائية . لأن ذلك سيزرع ثقافة العطاء بلا مقابل في أجيالنا القادمة . خاصة وأن هذه الثقافة قد أوصانا بها ديننا الحنيف . ولعل رؤية المملكة المباركة ركزت على أهمية العمل التطوعي الذي يجسد ثقافة العطاء ، وهو ما سأتطرق له في مقال قادم بإذن الله . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *