الموارد البشرية وأهمية البعد الإستراتيجي
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
كتبت عديد من المقالات عن كيانات وقطاعات اقتصادية كبيرة لكنني اليوم ولأول مرة قررت أن اكتب عن إدارات داخل هذه الكيانات لأهميتها في تطوير الأعمال ولم تجد الاهتمام بإلقاء الضوء عليها من الكتّاب والمحللين وإنما وجه الاهتمام إلى الحديث عن الكيان الذي يضم هذه الإدارات بصورة عامة، ولذا سأتطرق في هذا المقال وربما مقالات بعده إلى إدارات معينة وجدت من خلال مطالعاتي وخبرتي في مجال الأعمال أنها تستحق الاهتمام وأولها الإدارة التي كانت تسمى في السابق “شؤون الموظفين”. وأصبحت الآن إدارة الموارد البشرية فهي من أهم الإدارات التي يعود لها الفضل بنجاح المنشأة سواء كانت حكومية أم في القطاع الخاص لأن اختيار وتدريب وكشف مواهب العاملين وتحفيزهم من اختصاص هذه الإدارة.
ومع ذلك تنال إدارات أخرى الثناء وربما المزايا أكثر من هذه الإدارة والعاملين فيها رغم استحقاقهم ذلك.
ولكي نلتزم بالجانب التاريخي نقول إن مصطلح “إدارة شؤون الموظفين” قد ظهر بعد الحرب العالمية الأولى مع التركيز على حل النزاعات العمالية والعلاقات بين العمال وأرباب العمل ثم ظهر مصطلح “إدارة الموارد البشرية” خلال فترة نهاية السبعينيات في الولايات المتحدة الأمريكية بديل لإدارة شؤون الموظفين التقليدية مع تركيز أاكبر على تطوير الموظفين كعنصر أساسي في نجاح الشركات التي بدأت تنظر إلى الموظفين كأصول يجب استثمارها بدلاً من اعتبارهم مجرد أدوات إنتاج حتى أن بعض الجهات بدأت تطلق مسمى إدارة رأس المال البشري على هذه الإدارة.
والفرق بين الموارد البشرية وشؤون الموظفين هو في نطاق العمل والبعد الإستراتيجي حيث تركز شؤون الموظفين على الجانب الإداري والتنفيذي المرتبط بإدارة العاملين وتنفيذ المهام الروتينية، مثل: متابعة الحضور ودفع الرواتب في حين أن الموارد البشرية تهتم بالجانب الإستراتيجي لتنمية العنصر البشري وتركز على تطوير الموظفين وإسهامهم في تحقيق أهداف المنظمة.
وهذه النقلة النوعية في مهام إدارة الموارد البشرية تتطلب اختيار عناصر أكثر كفاءة لإدارة تلك الإدارات ومن شروط اختيار هذه العناصر القدرة على التواصل والتفاعل مع الموظفين وفهم احتياجاتهم بشكل واضح، إضافة إلى مهارات التحدث والصفات القيادية والقدرة على تحفيز وتوجيه الموظفين لتحقيق الأداء الأفضل.
وكذلك مهارة التفكير التحليلي والقدرة على تحليل البيانات المتعلقة بالموظفين لاتخاذ القرارات المناسبة ومهارات التفاوض والقدرة على حل النزاعات بين الموظفين والتعامل مع المواقف الصعبة بحلول ذكية ترضي جميع الأطراف. وأمام هذه الشروط كان لا بد من تأهيل مسؤولي الموارد البشرية وفق أعلى المستويات وشهدنا كيف حول كثير من الشباب السعودي تخصصاتهم إلى الموارد البشرية في شهادة الماجستير بعد حصولهم على الشهادة الجامعية في تخصص آخر واشتد الطلب على تخصصاتهم وحققوا نجاحاً كبيراً.
والأهم من ذلك أصبحوا على علاقة طيبة بجميع موظفي المنشأة بعد أن كان بعض موظفي شؤون الموظفين لا يتمتعون بتلك العلاقات باعتبارهم مراقبين لرصد الأخطاء والتقصير فقط بينما الموارد البشرية الآن تقوم على التحفيز والوضوح في تدريب وتوجيه الموظفين لتنمية مهاراتهم وتحقيق أهدافهم.
وأخيراً: تحية لجميع العاملين في إدارات الموارد البشرية وأرحّب بمشاركة العاملين والمهتمين منهم في هذه المناقشة حول أهمية إدارة الموارد البشرية كإحدى الإدارات الإستراتيجية المهمة في نجاح عمل أي منشأة حكومية أو في القطاع الخاص.
وسأقوم بطرح الآراء والمقترحات في تغريدات ومقالات أتطرق فيها إلى هذه الإدارة وكذلك إدراة العلاقات العامة التي سأتحدث عنها في مقال مقبل لأهميتها ولعملي في هذا المجال حكومياً وفي القطاع الخاص وأنتظر مشاركة المهتمين بالعلاقات العامة وأثرها في نجاح الأعمال.
نقلاً عن “الاقتصادية“