وفاة عبد الله النعيم.. قائد الإداريين ورائد العمل الخيري ومهندس تطوير الرياض

الرياض - متابعة عناوين

توفي عبد الله العلي النعيم، أحد أبرز الشخصيات التي تركت بصمة واضحة في مسيرة التنمية الحضرية لمدينة الرياض، وذلك عن عمر تجاوز التسعين عامًا، بعد رحلة حافلة بالعطاء والإنجازات.

وشغل النعيم منصب أمين مدينة الرياض خلال فترة حيوية من تاريخ المملكة، حيث شهدت العاصمة خلال فترة عمله تطورًا ملحوظًا في البنية التحتية والخدمات، وأسهم في تخطيط مشاريع استراتيجية وضعت الرياض على مسار النمو العمراني الحديث.

وتميز الراحل النعيم بإدارته الحكيمة، حيث عمل على تعزيز الهوية العمرانية للمدينة مع الحفاظ على قيمها التراثية، كما لعب دورًا رئيسيًا في تطوير الطرق، الحدائق العامة، والأسواق، ما جعل الرياض وجهة حضرية متميزة.

وعرف عن الفقيد تواضعه وحرصه على العمل الجاد، إضافة إلى رؤيته المستقبلية التي انعكست في تطور الرياض لتصبح من أبرز العواصم في المنطقة. كان النعيم نموذجًا للإخلاص في العمل وخدمة الوطن، وحاز على احترام وتقدير من عاصروه من مسؤولين ومواطنين.

الميلاد

وُلد عبدالله العلي النعيم في عنيزة عام 1931، ونشأ في بيئة تقدّر العلم والعمل. حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ من جامعة الملك سعود، واستكمل مسيرته التعليمية بتكريمٍ عالمي حين نال شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة السوربون. بدأ مشواره المهني عام 1962 مديرًا لتعليم منطقة الرياض، قبل أن يُعين أمينًا لمدينة الرياض في الفترة من 1396هـ إلى 1411هـ. وفي تلك الحقبة، قاد مسيرة التحول العمراني والإداري في العاصمة، ووضع أسس التطور الذي شهدته الرياض لاحقًا.

وكان النعيم رمزًا للالتزام بقضايا المجتمع والإنسانية، حيث أسس مركز الملك سلمان الاجتماعي بالرياض، ومركز صالح بن صالح الاجتماعي في عنيزة، موجهًا جهوده نحو دعم التعليم، والرعاية الاجتماعية، وتمكين المرأة. كما ترأس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الصالحية، مسهمًا في تعزيز قيم العمل التطوعي والمجتمعي. ولم تتوقف إسهاماته عند حدود المملكة، بل امتدت إلى الساحة الدولية من خلال مشاركته في منظمة المدن الكبرى “متروبولس” وتأسيسه المعهد العربي لإنماء المدن.

وعلى الصعيد الثقافي، أهدى الراحل المكتبة العربية العديد من الإسهامات البحثية والمقالات التي تُظهر عمق فكره واهتمامه بالتاريخ الإسلامي والإنساني. كما أطلق جائزة باسمه لتكريم الإنجازات العلمية في تاريخ الجزيرة العربية وآثارها، في بادرة تعكس التزامه برعاية العلم وتشجيع الباحثين.

وكان النعيم نموذجًا للإدارة الحكيمة والتواضع، فحياته كانت مليئة بالعطاء، سواء في المناصب الرسمية التي شغلها أو في أعماله التطوعية التي تواصلت حتى بعد تقاعده. رحل اليوم، لكنه سيبقى حاضرًا في ذاكرة الوطن بإنجازاته التي لن تُنسى.

ثقة الملك سلمان

وبلغ من ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله أن أسند إليه تخطيط العاصمة السعودية (الرياض)، وكان أهلاً لتلك الثقة، فقد كانت الرياض في السبعينات الميلادية، تحتاج إلى كثير من التخطيط، ففيها كل يوم مخطط جديد، يحتاج إلى الإمداد بالخدمات الحكومية، من تعبيد، وماء، وكهرباء، وصرف صحي، وغيرها، وكان رحمه الله من أشرف بنفسه على التخطيط لها، فزاد من مساحة الحدائق، حتى أصبحت الرياض درَّة الصحراء.

وترأس مجلس إدارة شركة الغاز والتصنيع الأهلية، وعضوها المنتدب، ومجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية، وعضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ومؤسس ورئيس مجلس أمناء المعهد العربي لإنماء المدن، الذي يتبع منظمة المدن العربية، وعضو مشارك في مجلس إدارة منظمة المدن الكبرى (متروبولس) ومقرها الرياض.

وشغل عضوية عدد من المؤسسات والجمعيات، كما عمل مشرفاً عاماً على لجنة العناية بالإخوة الكويتيين أثناء فترة الغزو العراقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *