نشأة أسماء الأسر.. حكايتها في الصين

أحمد بن عبدالله الحسين

نشأة أسماء الأسر وحكايتها في الصين لها جذور تاريخية، وهذا ليس للصين وحدها فالأمم الأخرى لها كذلك تراث قديم عن نشأة المسميات فيها. أما الحديث عن الصين، فهناك خصوص فلسفة وثقافة عندهم، وحسب “تشنغ يوي تشن” في كتابة المترجم “لمحة عن الثقافة في الصين”، فيما يخص أسماء الأسر ذكر: نعتقد بصفة عامة أن ذلك ممكن يرجع إلى المجتمع القبلي الذي تترأسه المرأة؛ حيث انقسم الناس آنذاك إلى عدة قبائل حسب نظام قرابة الدم بالأم”. الأم في موروثهم لها قداسة في حياة الإنسان، وتستلهم من السماء لتنجب، لذا يُطلق على المولود ابن السماء، وهو يعرف أمه دون أبيه لأنها وهبته الحياة والوجود. وفي الصين القديم تتخذ كذلك كل قبيلة من الطوطم (رمز) أو أحيانا تضاريس مسكنها علامة تتميز بها عن القبائل الأخرى. ولهذا المتتبع لأسماء الأباطرة والملوك تقترن برمز المرأة مثل يان، هوانغ، شاو وو، يوي شون، شياو يوي.

أما الكُنية فتأتي متأخرة في الترتيب عبر الأحفاد الذين تناسلوا من أم واحدة. ولذلك يمكن القول أن اسم الأسرة يمثل قرابة الدم في نظام تترأسه الأم، بينما الكُنية تمثل القبيلة، واسم الأسرة لا يتغير لأنه رباط رحم، ولكن الكُنية يمكن أن تتغير حسب تميز الأبناء والأحفاد. بالطبع مع مرور الزمن كان لبعض أسماء الأسر اندماج عضوي مع الكُنية ذكر ذلك كتاب “سجلات تاريخية” للمؤرخ سيما تشيان. ومما يُذكر في هذا المقام أن أسرة البطل دايوي هي “نيه”وما زال أبناؤه وأحفاده يتوارثون هذا الأسم حتى وقتنا الحاضر في مقاطعة تشجيانغ في مدينة تشاوشين عبر مئة وأربعين جيلا إلى الآن.

اسم الأسرة إذن يرمز إلى الحسب والنسب والمكانة، ويُعد ذلك سيكولوجية اجتماعية واسعة الإنتشار في المجتمع الإقطاعي، بل يمنح الفخر والاعتزاز. ولكنه عبر الأزمان تنحى أثر شمس نظام الحسب والنسب (أسماء الأسر) مع التقدم الاجتماعي، وبدا شعور التعلق بِما يسمى”شعور جون وانغ”الذي يعني أن الناس التي تقطن في ولاية معينة جيلا بعد جيل يقترن أسم أسرتها بالمدينة مثلاً؛ أسرة هان يقترن دائماً باسم المدينتين تشانغ لي ونانيانغ حيث فيهما يتكرس الإعجاب والاحترام.

ولهذا أسماء الأسر في الصين وإن بقى في بعضه تراث، وكسب دور في سير الثقافة والاقتصاد في المجتمع وأثر في المناصب والزعامات إلا إن مجريات العصر الحديث طرأ فيه تطورات وتحولات واختلاطات اجتماعية فاصبحت مشجرات الأسر أو نسب القبيلة يُبين موروث ما كان من تحالفات بين الأسر عبر الأجيال، ويحكي تحولات تاريخية مضت داخل الصين. والدارس للأنساب وتداخلات الأسر والقبائل تتشكل عنده روابط فكها يكون أحياناً أعقد من ذنب الضبّ.

أما الصين الحالية وثورتها الرقمية التي طالت الحياة اليومية، فهي تعتمد على قائمة محدودة من الأحرف الصينية الموحدة، وهذا أدى إلى تقلص استخدام مجموعات الأسماء ربما هي الأصغر في العالم. وحسب استطلاع وزارة الأمن العام سنة 2019م الذي كان على مستوى الصين حول أسماء العائلات ذكر: “لقد تم تناقل ثقافة هذه الأسماء في بلادنا منذ آلاف السنين، وكان لها تأثير عميق وواسع، وعلى مر التاريخ، تطورت الأسماء وتميزت، وشكلت أكثر من 6 آلاف اسم عائلة مستخدمة اليوم”.

رد واحد على “نشأة أسماء الأسر.. حكايتها في الصين”

  1. يقول جلوي بن عوير:

    جميل يابو عبدالله وأسلوبك الراقي دائما يجذبني بورك فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *