المسنون في بيوتكم أمانة في أعناقكم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الحمد لله أننا مجتمع لا يزال يحافظ على قيمه ومسؤولياته الاجتماعية والأخلاقية . فمجتمعنا لم ينقلب على عاداته وشهامته وتقديره لمكانة كبار السن من آباء وأمهات وأقارب . لكن ومع زيادة الارتباطات والأعمال وحاجة رب الأسرة للسفر إما للسياحة مع زوجته وأبناءه ، أو ما يتطلبه العمل من تنقلات ، فإن الوقت المحدد للبقاء بجانب كبار السن في البيوت بات يتقلص أكثر فأكثر .
يغفل البعض منا عما يحتاجونه الكبار حتى لو لم يكونوا عاجزين عن الحركة . فيعتقدون بأنهم إن قاموا بتأمين الحياة الكريمة من أكل وملبس ومكان نظيف وتخصيص خادم أو خادمة لرعايتهم هو أمر كاف لهم . بينما هذا اعتقاد خاطئ لا ينتبه له الكثير من الأبناء والبنات . فرغم أن كل ما أشرت إليه هو من الأمور المهمة لحياة كريمة لكبير السن ، إلا إن الحاجة لمن يجلس معهم ويسايرهم ويسليهم بكلام لطيف وقصص طريفة ، أهم بكثير من كل ما يقدم لهم من رعاية .
” أمي ” رحمة الله عليها كانت تقول لزوجتي أم فجر ، أن يوم عودتنا من السفر بالنسبة لها هو كيوم عيد . تقول هذا الكلام رغم أن بيوت أخواني ملاصقة لبيتنا ، وهم وأسرهم وبناتي لا يتركونها أبدا . والسبب أنها تشعر بالوحدة لأن من يعيش معها في بيت واحد هو الهواء الذي تتنفسه مساء كل يوم . فما بالكم مع الأمهات والآباء الذين ليس لديهم من الأقارب من يجلس معهم ويؤنس وحدتهم .
أبكتني قصة سردها لي مدير إحدى المستشفيات الجامعية الكبرى قبل سنوات . ومختصر القصة أنهم كانوا يعانون من بعض ضعاف النفوس الذين ما أن تقبل الإجازات المدرسية وتبدأ مواسم السفر ، إلا وقد أوصلوا ” المسن ” الذي يسكن معهم للمستشفى عند الطوارئ ثم يتحججون أنهم سيذهبون لإكمال الأوراق عند الاستقبال لكنهم لا يعودوا . كونهم قد خططوا للسفر في الإجازة ، ولن يجدوا أفضل من المستشفى لرعاية هذا القريب .
لا أدري اليوم فيما إن كانت الأنظمة قد تغيرت أو أن عقوبات قد أقرت لمن يستخدم هذه الفكرة القبيحة .
مختصر الحديث أن العناية بكبير السن وبصدر رحب وفرح كبير ، هو هدية من الله ليكثر حسناتك ويمنحك الأجر والثواب . وأن تأمين احتياجاته وحياته الكريمة غير كافِ . فالروح تبي الأرواح كما يقال . ولكم تحياتي