السعودية .. عدم الانحياز الحقيقي
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
حركة عدم الانحياز ظهرت في وقت مضى وملأت الدنيا ضجيجاً.. وسأتحدث عنها في آخر المقال.. لكن عدم الانحياز الحقيقي فعلاً هو ما تطبقه السعودية الآن ليس في المجال السياسي فقط وانما الاقتصادي أيضاً بحيث لا يصبح لدولة أو معسكر أبواباً مفتوحة بلا ضوابط تضع مصلحة بلادنا في المقام الأول ويتم التعامل سياسياً واقتصادياً مع جميع الدول غرباً وشرقاً بنفس الميزان ما جعل بلادنا مقبولة الكلمة والوساطة في أي نزاع وخير مثال وساطتها الناجحة بين روسيا وأوكرانيا لإطلاق بعض السجناء من جنسيات مختلفة، وكدليل على القبول التي تحظى به السعودية لاحظ المراقبون كيف تطورت العلاقة بالذات في المجال الاقتصادي مع روسيا والصين على وجه الخصوص، بعد أن كان التعامل استيراداً وتصديراً معتمداً على الدول الغربية.
وقبل أيام استقبلت الرياض وزير الخارجية الروسي ثم بعده رئيس مجلس الدولة في جمهورية الصين الشعبية.. وتم الاجتماع معهما من قبل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وسأركز على اللقاء مع الجانب الصيني لأنه يهتم بالجانب الاقتصادي وبحضور وفد سعودي كبير ولأن الصين تحتل مركز الشريك التجاري الأول بالنسبة للسعودية خلال الـ5 سنوات الماضية وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حتى يونيو من هذا العام 2024م نحو 48 مليار دولار.
وقد استحوذت السعودية على أكثر من 20 % من استثمارات الصين في الشرق الأوسط وتعد السعودية الشريك التجاري الأول للصين بين دول الشرق الأوسط استقبالاً للاستثمارات الصينية باستثمارات تصل إلى 400 مليار دولار خلال الـ5 سنوات الماضية.. وأبدت 15 شركة صينية رغبتها في الاستثمار في السعودية والدخول في مشاريع التخصيص لعدد من القطاعات الحكومية إضافة إلى مشاريع البنية التحتية.
وأخيراً: عرفت علاقات السعودية مع دول العالم بالتوازن سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي ولذا فإن مساعيها للسلام مقبولة من جميع الأطراف ومواقفها قوية وواضحة ولا تقبل التأثير في قرارها السيادي من أي طرف.. وهذا هو عدم الانحياز الحقيقي..
أما حركة عدم الانحياز التي ظهرت نتيجة للحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي.. فقد كانت باقتراح من رئيس الوزراء الهندي آنذاك (جواهر لال نهرو) والرئيس المصري (جمال عبدالناصر) والرئيس اليوغسلافي (تيتو)..
وعقدت الحركة أول مؤتمر لها عام 1961 وظل شعار عدم الانحياز يرفع سياسياً وحاول بعض الأعضاء الدعوة إلى انشاء نظام اقتصادي عالمي جديد يسمح لجميع شعوب العالم بالاستفادة من ثرواتها ومواردها لكن هذه الخطوة لم تتم.
بالتالي تراجع الوهج الكبير الذي قوبلت به الحركة بعد وفاة رموزها.. وبعيداً عن الشعارات والخطابات الرنانة كانت هناك دول طبقت عدم الانحياز وخلقت توازناً في علاقاتها وسياساتها الدولية وفي مقدمتها السعودية كما ذكرت من قبل وظلت على هذا النهج الذي يمنحها القوة في مواقفها الإقليمية والعالمية.
نقلاً عن “الاقتصادية“