شاب مجرم لا متهور
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
المقال التالي كتبه بروفيسور الأورام والسرطان في دولة الإمارات الشقيقة . كتبه بعد أن تسبب شاب بموت ابنة أخته الشابة “ريم”- يرحمها الله- . يقول إنه شاب متهور ، بينما أصفه وأمثاله بأنه مجرم قاتل . ولقد تأثرت بما جاء في مقاله ، ورأيت أن من المفيد نقله لكم دون زيادة أو نقصان . فلعلكم ترسلونه لأبنائكم من الشباب المتهورين . رحم الله ريم وأسكنها فسيح جناته وعوضها عن شبابها في الجنة ، وألهم أهلها الصبر والسلوان .
……….
ريم هي أختي الصغيرة كم توصينا عليها والدتي دائما ” هذي أختكم الصغيرة ” حيث تربت في كنف والديّ وفي منزلنا منذ صغرها.
ريم هي عروس تزوجت قبل ٣ أسابيع وكنا مازلنا فرحين بها كعروس جديدة ولكن فرحتنا لم تكتمل. ريم أكملت عامها الرابع والعشرين قبل ١٠ أيام من الحادث الأليم.
لن أسمع ريم في الهاتف كل سبت وهي تسألني” خالي متى بتوصل؟” لتحضر وتشتري الحلويات والكيك لي ولأبنائي.
ريم كانت مهندسة كهربائية ، وكانت عائدة من عملها الذي تعشقه حين صدمها ذاك السائق المتهور ، رسمت أحلاما مع زوجها الجديد ولكن سرق أحلامها وأحلامنا بها ذاك السائقُ الطائش.
أشفق على دموع والدتي وأختي اللتين لم يفارقا غرفتها منذ الحادث قبل أيام. أشفق على زوجها العريس ، أشفق على إخوتها وإخوتي وعلى جميع صديقاتها الذين يذرفون دموع الحزن والأسى عليها.
أنظر لجسد عروسنا المدد من دون حراك . أنظر لجسد طفلتي الذي حملته بين ذراعي وهي طفلة رضيعة عند ميلادها ، كم لعبنا معا وجريت بها وهي على أكتافي طفلة صغيرة ، احتفلنا بها لمّا حصلت على رخصة القيادة ولم نعلم بأنها بوابة لهذا الجلل العظيم.
لا أعرف من هو هذا السائق ولا أعتقد أني سأعرفه ولكن ما أعرفه بأنه دمر حياة شابة عروس ، سرق فرحتنا بها وأحلامنا لها.
يمضي اليوم ولا أدري كيف يمضى ولا أعلم كيف مضى ووجها المضيء وابتسامتها البريئة لا تفارق مخيلتي. لا تزال صورتها وصوتها يتراءى لي في كل لحظة ، أخلد للنوم على صورتها وأصحو على خيالها، أتمنى بأن هذا هو كابوس سأصحو منه الآن ولكن هو واقع وليس أي واقع.
لا أعلم ماذا كان يسارع ذاك السائق الطائش للحاق به ولكن أعلم علم اليقين بأن ما كان يُسرعُ من أجله لا يقارن بالأسى والألم الذي سببه لنا.
هي أقدار مكتوبة منذ بداية هذا الكون ، أقدار الله التي لا اعتراض عليها ، وأقدار الله ماضية علينا جميعا شئنا أم أبينا.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا ” ريم ” لمحزونين ولا نقول إلا ما يرضي ربنا … إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون، اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيرًا منها، اللهم خفف عن ريم وأربط على قلوبنا وأجمعنا معها في جنات النعيم حيث لا حزن ولا فراق ولا دموع.
رحلت ريم بعد حادث بليغ تسبب به سائق طائش صدمها من الخلف بسرعة عالية . لكم تحياتي