إنقاذ الشعاب المرجانية… مهمة عالمية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تشغل الشعاب المرجانية أقل من 1% من قاع البحار والمحيطات، ولكنها موطن لأكثر من 25% من الأحياء البحرية، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. كما أنها تغذي المجتمعات المحلية، وتُدخل السرور على السياح، وتعمل كحواجز طبيعية ضد تآكل السواحل والأضرار الناجمة عن العواصف. لكن الشعاب المرجانية تتعرض للتهديد بسبب ارتفاع درجات حرارة البحار، وزيادة حموضة مياه المحيطات، والتلوث، والصيد الجائر، وممارسات الصيد المدمرة. لحسن الحظ، تقوم عدد من الدول والمنظمات بنشر وسائل وأساليب مثل الفولاذ المقوى، وقنافذ البحر الجائعة، والذكاء الاصطناعي، والتيارات الكهربائية، وذلك لإنقاذ الشعاب المرجانية في العالم.
الشعاب المرجانية تتعرض للتهديد
يوضح ديريك مانزيلو، منسق مرصد الشعاب المرجانية التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة، أن الشعاب المرجانية سوف تشحب وتموت إذا ارتفعت درجات حرارة المحيطات وبقيت مرتفعة لفترات طويلة “حتى ولو بمقدار 1-2 درجة مئوية”. كما أن التلوث الناجم عن الزراعة والصرف الصحي والأنشطة الصناعية يُدخل مواد ضارة يمكن أن تسبب الأمراض وتكاثر الطحالب، مما يؤدي إلى اختناق الشعاب المرجانية. ويؤدي الصيد الجائر والممارسات المدمرة مثل الصيد بالمتفجرات والسيانيد إلى إلحاق المزيد من الضرر بالشعاب المرجانية واستنفاد أعداد الأسماك الأساسية.
جهود مبتكرة لإنقاذ الشعاب المرجانية
تفيد تقارير الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية أنه بين عامي 2009م و2018م، فُقد حوالي 14% من الشعاب المرجانية في العالم بسبب أحداث أدت إلى شحوبها على نطاق واسع. ويقول المنتدى الاقتصادي العالمي إن هذا الرقم قد يصل إلى 99% بحلول ثلاثينيات القرن الحالي بسبب موجات الحر البحرية. ولكن في جميع أنحاء العالم، تقوم الحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية بمقاومة هذا الأمر.
في الهند، يحافظ مرصد الشعاب المرجانية على الشعاب المرجانية في جزيرتي أندامان ونيكوبار عن طريق زرع الشعاب المرجانية المكسورة في هياكل اصطناعية.
في تنزانيا، يستخدم مشروع منيمبا لاستعادة الشعاب المرجانية أساليب مماثلة، حيث يقوم بزرع أكثر من 7 آلاف مستعمرة صغيرة في الشعاب المرجانية المتدهورة. حتى أنها أنشأت ستة شعاب اصطناعية جديدة تستخدم القضبان الحديدية والأطر المعدنية لتنمية مشاتل الشعاب المرجانية.
في الولايات المتحدة، يقوم مشروع ’المهمة: الشعاب المرجانية، الذي تديره الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي وشركاؤها، باستعادة الشعاب المرجانية في سبعة مواقع في محمية فلوريدا كيز البحرية الوطنية . ويهدف إلى زيادة غطاء الشعاب المرجانية من 2% إلى 25%. وعلى الجانب الآخر من البلاد، في هاوايي، أطلقت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي ملايين من القنافذ البحرية المحلية للسيطرة على الطحالب الغازية.
وتدعو استراتيجية الحكومة الأميركية، الاستراتيجية الوطنية لاقتصاد المحيط المستدام، والتي صدرت في يونيو 2024م، إلى استعادة الشعاب المرجانية لإبطاء التآكل والحماية من الفيضانات الساحلية. فهي تساعد المجتمعات على تقدير فوائد الحفاظ على الشعاب والمرجان بدقة.
كما أن الشركات الخاصة أيضًا تساهم. ففي إندونيسيا، قام مشروع شيبا لاستعادة الشعاب المرجانية بزراعة أكثر من 19 ألف نجمة من الشعاب المرجانية (إطارات اصطناعية تساعد على نمو الشعاب المرجانية) لإنشاء شعاب مرجانية جديدة. ويستخدم التحالف العالمي للشعاب المرجانية تقنية ’بيوروك‘ لتمرير تيار كهربائي صغير عبر مياه البحر لتشكيل قشرة صلبة من كربونات الكالسيوم، مما يسمح للشعاب المرجانية بالنمو بسرعة على الهياكل الاصطناعية. وللمساعدة في مراقبة هذه الجهود وغيرها، تساعد أداة الذكاء الاصطناعي ’سيرف بيرتش‘، من شركة غوغل، العلماء على تتبع صحة الشعاب المرجانية من خلال تحليل الأصوات والصور تحت الماء. وهذا يوفر رؤى حول جهود الاستعادة في إندونيسيا والفلبين والحاجز المرجاني العظيم.
الحاجة إلى العمل
يتطلب إنقاذ الشعاب المرجانية تعاونًا عالميًا. والمبادرة الدولية للشعاب المرجانية، حاليًا، هي شراكة بين الدول والمنظمات التي تعمل معًا لإنقاذ الشعاب المرجانية. وتقوم فرقة العمل الأميركية المعنية بالشعاب المرجانية بتنسيق أعمال الحفاظ على الشعاب المرجانية عبر الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والأقاليم الأميركية.
وقال أراتي برابهاكار، كبير مستشاري الحكومة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا: “إن محيطات وبحار كوكب الأرض تجعل الحياة ممكنة. فهي تستضيف أنظمة بيئية نابضة بالحياة، وتغذي مليارات الأشخاص، وتحافظ على سبل العيش، وتربطنا جميعًا”. ومع استراتيجية الحكومة الأميركية الجديدة للحفاظ على اقتصاد المحيطات، تشير الولايات المتحدة إلى “طريق العمل مع هذا المورد الطبيعي الثمين … لمواجهة تحديات أزمة المناخ وفقدان التنوع البيولوجي”.