إيران وفارس ،، تَتَبّع تأريخ

أحمد بن عبدالله الحسين

المعرفة بالماضي هي تفسير للحاضر، ولكثرما ما نال التأريخ أثر هشاشة في مروياته المتداخلة، والتالي إطلالة تاريخية مختصرة لعبارة إيران وفارس، ومعرفة من سبقهم لهذه الجغرافية ومتى نزح وتشكل العِرق الآري الفارسي.

إيران اسم لفارس متأخر أُطلق في عهد رضا شاه بهلوي سيأتي بيانه، وفارس (تعني الغازي) وهي حالياً جزء من إيران مثلما أن الفُرْس جزء واحد من الشعب الإيراني، وأحيانا فارس تكون أوسع من إيران لأن ما كان يعرف تاريخيا باسم فارس أو الإمبراطورية الفارسية كانت تشمل أراضي أبعد من إيران الحالية وشعوبا غير إيرانية.

الإغريق
أطلقوا اسم (بارسيس) على قبيلة من الآريين الذين قدموا مهاجرون من نهر الفولغا شمال بحر قزوين، ومن آسيا الوسطى سهول أو راسيا ، واستقروا في الجنوب من إيران الحالية، ومن هذا الإسم الإغريقي أُشتق اسم فارس، والقبيلة الأخرى الآرية تسمى الميديين قدموا كذلك من آسيا الوسطى استقروا في الشمال الغربي من إيران الحاليّه. الفْرْس والميديون الذين قدموا ما قبل 1500 ق.م هما من حددوا جغرافية البلاد الجديدة عبر الأزمان اللاحقة التي سِميت إيران أي بلاد الآريين.

ظلت فارس
هي الكلمة المستخدمة أوربياً لإيران حتى عام 1935م. عندما أصرت الحكومة الإيرانية على تسميتها رسميا إيران لفارس، وهذا له دلالة تاريخية وثقافية أكبر مما تحمله كلمة إيران والإيرانيون. وهي أقرب إلى العرق منهم إلى الأمة حيث يُشكل الفُرْس شعباً واحداً بين العديد من الإيرانيين.

إيران تاريخيا
كانت مفترق طرق بين آسيا وأوربا اي بين الشرق والغرب، وكانت تمر من خلالها الشعوب والبضائع والمعتقدات والأعراف الثقافية، وكان التأثير الشرقي منها كبيراً لدرجة أن كثيراً من الخرافات والأساطير الإيرانية القديمة كان منشأها إيران .

تضم إيران
العديد من الجماعات العِرقية واللغوية، منهم من لغته الأم الفارسية وهم الآريون، وآخرون غيرهم أكراد وأتراك وعرب وبلوش لهم لغاتهم الخاصة. مثلا؛ يتركز الترك غربي أذربيجان، وقبائل أُخرى من الترك مثل القاشقائيين توطنوا في الجنوب. وتستخدم لغة الترك أيضا في أجزاء أُخرى من القرى في وسط الشمال قرب طهران. أما الأكراد ففي منطقة كردستان غرب إيران، والعرب في خوزستان والأحواز، والبلوش في جنوب الشرق على الحدود مع باكستان، وهناك الأرمن واليهود والآشوريون والبختياريون تضمهم مدن مختلفه في إيران.

إيران
ذات مساحة كبيرة جداً أكبر من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا مجتمعة، وهي وعرة وقاحلة مكونة من جبال وصحارى باستثناء منطقتين منخفضتين. وتحتوي إيران على سلسلتين جبليتين عظيمتين جبال البرز في الشمال إلى خراسان وفي الجهة الشرقية أيضا، وجبال الزاجروس التي تمتد من الغرب إلى جنوب الشرق. أما الصحرواتان فهما صحراء كوبر، وصحراء لوط وكلاهما في الشرق وغير قابلتين للسكن. أما المنطقتان المنخفضتان فهما الساحل القزويني، والذي يقع تحت مستوى سطح البحر، وبه مناخ شبه استوائي وغابات مطيرة وسهل خوزستان في جنوب الغرب والذي يعتبر امتداد للأراضي الخصبة لما بين النهرين يرويها نهر إيران الكبير الوحيد نهر كارون.

تأريخ إيران القديم
إيران هذه الجغرافية قبل الفُرْس تعتبر من دول العالم القديم، إذ يمتد تاريخها إلى أكثر من خمسة الآف سنة، وهي تقع في نقطة اتصال استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط من جنوب شرق آسيا، وفي أرضها تم العثور على أثار لوجود الإنسان تعود إلى العصر الحجري القديم على الهضبة الإيرانية في وادي كرمانشاه التي تبعد حوالى 525كم عن طهران باتجاه الغرب. إيران خلال هذا التاريخ الطويل تعرضت لفترات عديدة لهجرات وتوطن وغَزْو من خارجها، والتي بمعرفتها يتم فهم وتقويم للتطور اللاحق لما حصل لهذه البلاد.

طوائف الميدين والفرس
سكنوا الهضبة الإيرانية قادمين من آسيا الوسطى حوالي 800 ق. وقد استقر الميديون في غرب إيران، وأصبحوا هم والفرس في الجنوب خاضعين في البداية للدولة الآشورية، ولكنهم سرعان ما استقلوا بأنفسهم ثم قهروا الدولة الآشورية.

أول حضارة رئيسية
وجدت في إيران هي حضارة العيلاميين، والاسم هذا نسبة لعيلام وعيلام هو الاسم القديم لخوزستان (عربستان)، والعيلاميون أقوام ساميون غير آريون. استقر العيلاميون في جنوب غرب إيران في حدود سنة 3000 قبل الميلاد أي قبل الأقوام الآرية وهما الفرس والميديون قرابة الألفي سنه قبل الميلاد أن حضارة (عيلام) التي تشكلت في صحراء خوزستان خاصة وفي مدينة شوش (سوسة)كانت تعتبر أهم حضارة ظهرت في إيران قبل مجيء الآريون، وكان العيلاميون يسمون وطنهم أو الأرض التي يعيشون عليها (حتمتي).

عبر التاريخ
نشبت نزاعات ومعارك متعددة بين (عيلام) وحضارات وادي الرافدين (سومر وبابل) استمرت حتی سنة 550 ق.م، والتي انتهت فيها دولة عيلام وتمكن حينها الآريون ودولتهم الأخمينية من عيلام بل استطاعوا هزيمة البابليين في بلاد الرافدين.

يذكر التأريخ
أن نفوذ العيلاميين وصل ذروته في القرن الثالث عشر ق.م حيث استطاعوا من احتلال بلاد ما بين النهرين، وأخذوا الحجر (الِمسَلَّة) الذي كُتب عليه قانون حمورابي وأحضروه إلى شوش حيث اكتشفت هذه المِسَلَّة سنة 1902م أثناء التنقيب في شوش، وهي الآن موجودة في متحف اللوفر في باريس وتأريخ المِسَلَّة يرجع الى 2000ق.م.

بعدها في القرن السابع ق.م هاجم (آشوربانيبال) ملك آشور دولة (عيلام) في سنة (640) ق.م واحتل مدينة شوش عاصمة الدولة العيلامية وخربها بشكل كامل وكان هجوم (آشوربانيبال) متزامنا مع اتساع حدود دولة الآريين الذين جاؤوا مهاجرون منذ القرن الخامس عشر ق.م من سهول اوراسيا إلی إيران. إذ سيطر هؤلاء الآريون علی أهم قسم من دولة عيلام الذي يقع اليوم غربي محافظة شيراز. وكما ذُكر سابقا قام الآريون الفُرْس بإيجاد الدولة الاخمينية وهاجموا العلاميين في سنة (550) ق.م وتملكوا إرث الدولة العيلامية إلتي كانت من قبل سقطت علی يد دولة بابل حكام بلاد الرافدين، وهي أي بابل كذلك احتلها الأخمينيون فاسْتَب الأمر لهم في إيران وبلاد ما بين النهرين.

العيلاميون
الذين يعرفون بأنهم أكثر القبائل حضارة قبل الآريين بنوا المُدن المتعددة والمتطورة من مثل مدينة شوش، واشتهر ملوك عيلام في تشييد معابد لآلهتهم خصوصا في مدينة سوسة وأهمها الآلهة”زقورات جغازنبيل”في خوزستان (الأحواز).
عرف العيلاميون الكتابة واستخدموها منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، وكان الخط الذي يستخدمونه يسمى الخط الإيلامي، وهذه الكتابة ظهرت بموازاة الكتابة المسمارية التي ابتكرها السومريون في بلاد الرافدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *