المنطقة على صفيح ساخن .. هل اقتربت الحرب الكبرى؟
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تختلف استراتيجية الولايات المتحدة مع المنطقة قلب المنطقة السعودية باعتبارها راعية الحرمين الشريفين صاحبة المكانة الدينية والاقتصادية والسياسية واللوجستية عما بعد الحرب الباردة وعن اليوم بعد صعود مكانة السعودية اقتصاديا وسياسيا بشكل ملحوظ يفوق نظرائها في المنطقة من إيران وإسرائيل وكلاء أمريكا الذين يتصارعان على النفوذ على المنطقة، لكن تبقى إسرائيل الذراع الأساسية لأمريكا، وسبق أن حاولت أمريكا تقليص النفوذ السعودي لصالح إيران في زمن أوباما لتتوقف إيران عن السلاح النووي، بل تغاضى بايدن عن محاصرة إيران السعودية عبر تشكيل أذرع بحجة محاربة داعش، لكن ما حدث العكس أن نمت السعودية اقتصاديا وسياسيا جعلها تفرض على أمريكا تغيير استراتيجيتها خصوصا بعدما نجحت السعودية في إدخال الصين إلى المنطقة كمتغير جديد أربك الولايات المتحدة بعد رعاية الصين التهدئة بين السعودية وإيران، مما جعل أمريكا تغير من استراتيجيتها وتتبنى الممر الهندي الأوروبي المار بالسعودية، مما يفرض تغييرا في خريطة المنطقة بضرورة تفكيك أو إضعاف محور المقاومة بشكل خاص في سوريا ولبنان وغزة.
خصوصا وأن السعودية تدرك حقيقة العقيدة العسكرية الأمريكية تغذية النزاعات في منطقة الشرق الأوسط المحكومة استراتيجيا لكن، بعد التغيرين اللذين أدخلتهما السعودية لتغيير العقيدة العسكرية الأمريكية المحكومة استراتيجيا هما إدخال الصين إلى نزاعات المنطقة وتبني رؤية شاملة يشارك فيها الجميع، جعل الولايات المتحدة تتخلص من عقيدة أوباما في ترك إيران تتمدد في المنطقة على حساب السعودية، ما يعني أن السعودية تشارك أمريكا في رسم خريطة جديدة للمنطقة لا تنفصل عن أوروبا وأفريقيا تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل خاص، خصوصا وأن السعودية تقود محور الاعتدال والتأكيد على حل النزاعات بالحوار والتفاوض وهو ما ترفضه إيران ومحورها لأنه بذلك تفقد مشروعها، مما يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة لتحقيق المشروع السعودي الجديد.
بسبب أن التدخل الإيراني حقق معادلة صفرية لم تنعكس على القضية الفلسطينية بل تهدف فقط لتحقيق مشروعها، ما جعلها تتجه نحو السعي الحثيث إلى افساد المفاوضات لإقامة دولة فلسطينية عبر إعطاء أوامر بعملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، ومن الجانب الاخر اغتيال إسرائيل إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية من أجل وقف المفاوضات الذي هو على خلاف مع السنوار وتم اقصاؤه من الحركة عام 2017 اتهمه السنوار بالتخاذل وتغليب الحلول السياسية والسير مع الضغوط الإقليمية لكنه لم يتمكن من الخروج من العباءة الإيرانية، ما يعني أن إسرائيل ليس لديها أي رغبة في الوصول إلى تفاهمات أعلنها الرئيس بايدن أن اغتيال إسرائيل هنية غير مفيد في هذه الأثناء في إجراء مفاوضات.
تورم قوة إيران وعدم القدرة على الرد المباشر يتوافق مع خطابها على المنابر، رغم أن أصابعها على الزناد يمكن أن تفجر المنطقة، لكن نتنياهو يدرك أن المنطقة إذا تفجرت لن تتخلى أمريكا عن إسرائيل، فهو في مأمن يود تغيير الوضع في غزة وفي لبنان وفي الداخل الإيراني، رغم أن أمريكا تعلن أنها لن تنجر إلى جحيم إسرائيل.
الجميع يتجه إلى الدولة الفاعلة في المنطقة السعودية لممارسة دور في التهدئة وإقناع إيران بوقف التصعيد، لكن المشكلة أن نتنياهو يستفز الجميع ويقوم باغتيالات بالجملة يرسل رسالة لإيران ولجميع أذرعها أنهم مخترقون، وأيضا موجه للعرب بقيادة السعودية التي تصر على وقف الحرب في غزة، وقام سمو وزير الخارجية قام بزيارة 23 دولة في 25 يوم جهود مضنية تقوم بها السعودية لوقف الحرب التي تصر على حسم القضايا والنزاعات عبر المفاوضات والحوار السلمي.
حتى داخل إسرائيل توقف الحديث عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكن تصر السعودية على إقامتها إذا أرادت إسرائيل إقامة علاقة مع السعودية والاندماج في المنطقة وفق ضمانات دولية وإقليمية، بل إن إيكونوميست عن مصادر مقربة في حماس بعد اغتيال هنية قادة في الحركة اعترفوا بأن 7 أكتوبر كان خطأ في التقدير والسنوار لم يحسب جيدا تبعات الرد الإسرائيلي، ما يعني أن الدور الإقليمي الإيراني سينتهي، وسيعود الجميع إلى المظلة السعودية لإدارة الأزمة بين إسرائيل والفلسطينيين.
لا تود أمريكا ولا السعودية تصعيد في المنطقة على غرار ما حدث في 13 أبريل 2024 بإرسال إيران 300 صاروخ ردا على استهداف إسرائيل السفارة في دمشق، ما جعل أمريكا تأمر بإرسال حاملة الطائرات روزفلت دخلت مضيق هرمز قبالة إيران لتذكير إيران بفرس النبي في 18 أبريل 1988 عندما شنت القوات الأمريكية داخل المياه الإقليمية الإيرانية ثأرا لتلغيم إيران الخليج العربي أثناء الحرب الإيرانية العراقية وإصابة سفينة حربية أمريكية دمرت نصف سفن البحرية الإيرانية في يوم واحد، وأعلنت الخارجية الأمريكية أن من يملك قرار الانسحاب من العراق أو البقاء أمريكا ولا علاقة للحكومة العراقية بذلك.
*أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية سابقا بجامعة أم القرى بمكة
Dr_mahboob1@hotmail.com