قلوب مكسورة
رغم أني أشعر بخجل وأنا أثقل عليكم بحكايات تؤلمكم ، إلا أنها حكايات تحرك فينا جميعاً مشاعر دافئة تجاه من يحتاجون لمساندتهم في أصعب المواقف التي يمرون بها ، خاصة إذا كانوا في مقتبل أعمارهم.
فتاة بحرينية في حفل تخرجها من المرحلة الثانوية ألقت كلمة الخريجين فبكت وأبكت الكثير ممن استمع إلى كلمتها.
عائلتها الصغيرة كانت تتكون من والدها ووالدتها وأختها وأخيها وهما الأصغر منها . كانت كما قالت في كلمتها تنظر للمستقبل وترسم صور الأمل والطموح وتنتظر يوم تخرجها لتقول لوالديها شكراً لكما على كل ما قدمتماه لي . لكن القدر أطاح أولاً بوالدتها حيث أصيبت بمرض عضال ، وبينما هي تلملم جراحها ، قسى الزمن عليها حيث توفي والدها بسكتة قلبية قبل عودته للبيت بعد يوم عمل معتاد . ولم تمض ثلاثة أشهر إلا والمستشفى يطلب منها وأخويها التوجه للمستشفى على عجل . لقد كانت الأم في لحظاتها الحرجة وكان عليهم رؤيتها للمرة الأخيرة .
للأسف كلما مر شريط كلمتها عليّ وأنا أكتب هذا المقال كلما بكيت وتوقفت عن الكتابة لدقائق قبل أن أعود واسترجع توازني . فمهما كتبت لن أستطيع نقل مشاعر الألم وهي تلقي كلمتها التي جمعت فيها ما بين ضعفها بعد فقدان والديها ، وبين قوة الجأش وهي تلقي كلمة التخرج .
قصة هذه الفتاة الصغيرة دفعتني للتفكير في الطريقة المثلى للتعامل مع حالتها والحالات المشابهة لها سواء في المملكة أو البحرين أو في كل دول مجلس التعاون . فالقضية ليست قضية مال يصرف عليهم ، ولا مسكن يؤويهم ، ولا حاجات تقضى عنهم . فكل هذه الأشياء يمكن تدبيرها عبر رجال الأعمال أو الجمعيات الخيرية ، إنما القضية هي الحاجة لقلوب تحتويهم ولعواطف تملأ الفراغ العاطفي الذي هم بحاجة إليه في مثل هذه الظروف القاسية . فالأحداث التي مرت بها هذه الصغيرة وأخويها أكبر من أن تتحمله ، وقلبها المكسور بحاجة لمن يجبره ويملأه عطفاً وحناناً ورعاية .
بيت القصيد: لدينا عشرات الجمعيات الخيرية ودور أيتام وجهات حكومية مهتمة بالشؤون الاجتماعية وبميزانيات ضخمة ، لكننا نفتقد لجمعيات متخصصة للتعامل مع هذه القضايا ، ولعلماء نفس ، ولقلوب تشارك في احتواء هذه الصغيرة وأخوتها و أمثالهم خاصة من الأطفال الذين تقسو عليهم الحياة دون حول لهم ولا قوة كما قست على هذه الصغيرة وأخويها . فليس كل الحاجات تقضى بالمال . ولكم تحياتي