القطاع غير الربحي وعلاقة تكاملية مع التعليم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
خالد الباتلي*
منذ إعلان رؤية السعودية 2030 والأعين تترقب حراك التعليم حول مستهدفات الرؤية، الأمر الذي جعل الحِمْلَ ثقيلاً على كاهل المعنيّين بالأمر، فجزءٌ من نجاح الرؤية مرهون بالتعليم، فهو اللبنة الأساس التي يُبنى عليها المستهدف ويُعوّل على مخرجاته..
فكانت الخُطى تسابق الزمن طرحاً وفكراً ورأياً وعصفاً ذهنيًّا لا يفتر العمل عليه، بل يزداد صلابةً يوماً بعد يوم، فقدمت العديد من البرامج وشدّدت على التنوع في العملية التعليمية ومتابعتها مع الجهات ذات الاختصاص، ورأينا باكورة ثماره في جوائز تحققت للمملكة العربية السعودية على يد شُبّانها وفتياتها الذين رفعوا راية العز في محافل دوليّة كبرى..
وفي خضم هذا الحراك التعليمي الاقتصادي الغير ربحي المتعدد المشارب والتوجهات، أقامت وزارة التعليم، ممثلة في الإدارة العامة للمسؤولية المجتمعية والعمل التطوعي ” الملتقى الأول للقطاع غير الربحي في التعليم – آفاق وتطلعات ” تلك التطلعات التي لا تنتهي ولن تنتهي إلا بتحقيق كل مستهدفات الرؤية، وقطف ثمارها في صناعة أجيال لا تهاب العالم وهي تواجهه علماً بعلم وابتكاراً بآخر..
ويتجلّى أثر الملتقى في حُسن انتقائية توقيته، بعد أن تبين نتاج بعض العمل، والبعض على وشك النضج قريباً، بل ويظهر تجلّيه في استهداف القطاع غير الربحي، ليكون فعّالاً مشاركاً وصانعاً للتغيير وقائداً له من خلال التعرف على التجارب الناجحة والممارسات المؤثرة وصنعها في قالب قدم من قبل الهيئات والمؤسسات والأوقاف التعليمية والمؤسسات المانحة والجمعيات والشركات الأهلية في مجال التعليم، هذا التنوع كفيلٌ بأن ينقله العارضون والمهتمون إلى مناطق أبعد مما نتصور في هذا الوقت وأسمى مما نتخيل لاحقاً..
من خلال الملتقى وفعالياته المقامة، تمد الوزارة يدها للقطاع غير الربحي لتوسيع مشاركته ومنحه الفرص تلو الفرص ليسير في مضمار التعليم وفق رؤية طموحة وبأفكار متجددة تمنح تعليمنا وأفراد مجتمعنا دروبا مضيئة ومسارات متعددة من خلال تجارب وخبرات القطاع الخاص الأكثر ديناميكية والأقل بيروقراطية..
جاء الملتقى ليخبرنا عن واقع المنظمات غير الربحية في التعليم وممكناتها وماذا يلزمها من تشريعات وسياسات والتزام من قبل القيادة التعليمية عندنا، لنستشرف معا الغد المشرق للقطاع غير الربحي في التعليم، بالإضافة تجسير وتوثيق العلاقات بين مؤسسات المنح والمنظمات الغير الربحية في التعليم، ويكون الملتقى خير مقر ومستقر للتعاون وقطف الثمار المرجوة..
وأوضح وزير التعليم في كلمته ” أن نمو القطاع غير الربحي في التعليم تجاوز 173%” وهذا الرقم أكبر دلالة على تفوق الوزارة عبر برامجها الممثلة في برنامج تنمية القدرات البشرية وتحقيقها للتأثير الاجتماعي والاقتصادي مما يعكس أهميته وجدوى الاستثمار فيه.
وما هذا الملتقى إلا تأكيد على التزام القيادة بالمملكة بتعزيز دور القطاع غير الربحي كشريك في التنمية وتحقيق أهداف رؤية 2030, من خلال زيادة عدد المنظمات غير الربحية وتحسين قدراتها التشغيلية وتطوير اداءها وتحسين نتائجها وكفاءتها العملية..
وعزز من نجاح الملتقى توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات والاعلان عن المحفظة التعليمية والتي اقترب رأس مالها من نصف مليار ريال سعودي تم جمعها والإعلان عنها في يومي الملتقى.
المبادرة التي لأجلها جاء هذا الملتقى وفي قلب وزارة التعليم دليلٌ على أن بُعدها العلمي والتطوعي وكل تلك الشراكات النوعيّة ليس بتعبئة جداول عمل وبرامج واجتماعات وملتقيات روتينيّة، بل هو بُعدٌ له من الأهداف ما يتجاوز الكثير من قرارات ختامية ومسودة توصيات.. هو الأمل في رؤية التعليم بلباسٍ يليق به وفي مكانة يستحقها.. يصنعه جيلٌ متّقدٌ للبناء ومقارعة أعتى العلوم وتسارع النمو المعرفي وفكّ شفراته المعقّدة..
يبنيه جيلٌ سيكون لهم الدور الأكبر في مزاحمة العالم تقنيًّا وعلميًا وطبيًا..
كل ذلك لأن العزيمة والإصرار تسبق الفعل فتمهد له الطريق وتزيح عنه العقبات ليكون المسير إلى الهدف يسيراً وأكثر مرونة وسلالةً..
كل هذا الحراك هدفه أن تكون المملكة العربية السعودية من بين أفضل 10 دول في مؤشر التنافسية العالمية بحلول 2030..
اليوم ونحن نقترب من الهدف وتطلعاتنا تكبر شيئاً فشيئًا، بل وأحلامنا لم يعد لها سقف يُحجِّمها، فلها الفضاء الفسيح ولنا حق إطلاق أسراب من الأمنيات والتطلعات، فنحن في زمن لا يقبل التراخي عند أعلى نقطة، بل يستحدث نقاطاً أعلى ويجعلها هدفاً قادماً..
حتى ذلك الحين ونحن نحتفل بمخرجات الرؤية ومشاهدتها في أبنائنا وبناتنا وفي صداها حول العالم نقول كان الرهان ” رؤية وطن وطموح قائد”..
*كاتب ومثقف سعودي