هل تفعلها مؤسسة النقد؟
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لفترة طويلة كانت مؤسسة النقد تضع في أذنيها الطين والعجين أمام نداءات المجتمع المستمرة بأن تنصفه من التعاملات الجائرة للبنوك المستبدة التي تسرح وتمرح كما تشاء في مداخيل المواطنين الهشة التي تستنزفها أكثر من جهة، وفي مقدمتها تلك البنوك. وقد تسبب هذا الوضع المختل في توليد انطباع لدى الناس بأن المؤسسة لا تقف موقف الحكم المنصف، وإنما المنحاز للبنوك؛ لأنها ترى وتسمع ما تقوم به، ومع ذلك تلتزم الصمت المريب، فلا هي تصدت لمخالفات أنظمتها الموجودة، ولا هي أصدرت أنظمة جديدة تمنع فوضى البنوك واستبدادها بالناس. ولكن هل يمكن التفاؤل بأن المؤسسة، بإدارتها الجديدة، بدأت تصحح أخطاءها وتستشعر مسؤوليتها بإنصاف المواطن الذي يمثل الطرف الأضعف في معادلة العلاقة مع البنوك؟.
في يوم الخميس الموافق 23 ذي القعدة 1435 هـ، نشرت بعض الصحف خبرا مهما يقول: «تبدأ اليوم البنوك تطبيق ضوابط التمويل الاستهلاكي باحتساب الفائدة على الرصيد المتناقص لفوائد القرض وعدم احتساب الفائدة على كامل مبلغ التمويل تنفيذا لما أقرته مؤسسة النقد العربي السعودي، وتطبيقا لضوابط التمويل الاستهلاكي المحدثة، وأبلغت المؤسسة جميع المصارف التجارية العاملة في البلاد بتنفيذ قرارها القاضي بإلغاء العمل على احتساب الفائدة على كامل مبلغ التمويل».
إذا صح هذا الخبر، وهذا ما نتمناه، فإنه قرار تاريخي لمؤسسة النقد التي تعرف كم عدد المواطنين الغارقين في لجة القروض التي تمثل فوائدها قاصمة الظهر لدخل المقترض الذي لا يعرف كيفية احتسابها ولا يعترض عليها؛ لأنه لن يغير في الأمر شيئا، ولا يوجد أمامه بديل ساعة الحاجة. وقد احتار الناس طويلا في الأسباب التي منحت البنوك هذه الحرية المطلقة، واحتاروا أكثر في صمت مؤسسة النقد أمام هذا النظام الذي اخترعته البنوك لنفسها، والذي لا يوجد له مثيل في بلاد العالم، وللأسف، فإن البنوك قد لعبت على أوتار العاطفة لدى مجتمعنا الطيب حين أنشأت هيئات شرعية ومهرت كل منتجاتها وتعاملاتها بدمغة «وفق الشريعة الإسلامية».. والله يعلم كم هي بعيدة عن الشريعة المظلومة.
المهم، دعونا من الماضي. لقد صدرت تعليمات المؤسسة للبنوك، ولكن مر هذا الموضوع بصمت، وأعتقد أن أكثر الناس لا يعلمون به، والواجب على مؤسسة النقد تكثيف الضخ الإعلامي لهذا الموضوع ومراقبة تنفيذه من قبل البنوك دون التفاف وتلاعب. والأهم من ذلك أن يتم تطبيقه بأثر رجعي على الذين وقعوا بين أنياب القروض وفوائدها المتوحشة.
حمود أبوطالب
نقلا عن “عكاظ”