أمهات وآباء بعد الموت
أعلم جيداً بأن كلمة ” الموت ” وهي الحقيقة الوحيدة التي لا جدال فيها ، هي كلمة مزعجة ومؤلمة . فالموت يعني فراق للأبد ، وما أقساه من فراق . يقال تعددت الأسباب والموت واحد . لكن ومع التسليم بقضاء الله وقدره ، فإن هناك من يدفع نفسه نحو الموت دون أن يشعر بذلك . فالموت قدر وهذا صحيح ، لكن بعضه اختيار . فإذا كان الانتحار جريمةً عقابها عند رب العالمين ، فهناك جرائم يرتكبها بعض الشباب بحق أنفسهم من خلال قيادة مركباتهم خارج إطار النظام وتعليمات المرور وقواعد القيادة والسلامة . ولعل أهم تلك الجرائم المرورية ، القيادة بتهور وبسرعة قد تصل لضعف السرعة المصرح بها ، أو التفحيط وقطع الإشارات أو الإهمال والاستهتار بحياته وحياة الآخرين باستعماله الهاتف أو غيره .
هناك مقطع مصور يظهر فيه شاب مستهتر يفتخر بأن مبالغ المخالفات المرصودة عليه قد وصلت لعشرات الآلاف . وغيره يعتقدون بأن نظام ساهر، وأن حرص رجال المرور على تطبيق القانون ليل نهار ، هدفه جمع الغرامات ، متجاهلين الهدف الحقيقي وهو الحفاظ على سلامتهم وسلامة غيرهم من الحوادث المميتة .
كتبت منذ فترة طويلة ، بأن مرحلة التثقيف قد انتهت دون نتائج ملحوظة . فمن يقطع إشارة المرور ليس بحاجة لمن يثقفه ، بل بحاجة لمن يردعه ويخلص المجتمع من أمراضه النفسية . ومن يضاعف سرعة مركبته بشكل مخيف ويربك الناس ويعرض حياتهم للخطر ، هو إنسان يرتكب جريمة لا مخالفة مرورية .
هناك قصص كثيرة ومحزنة ومؤلمة لآباء وأمهات فقدوا أبنائهم جراء الحوادث المرورية ، منهم من لم يستطع تجاوز تلك المآسي طيلة حياته . ففراق الأب لأبنه أو الأم لابنها هو غاية الألم ومنتهى الحزن . وأني على يقين بأن الشاب لو كان يقدّر ما سيتركه رحيله على أبويه وأقاربه وأحبابه من دمار نفسي واجتماعي لهم ، لربما فكًر ألف مرة قبل تهوره واستهتاره .
من بين عشرات القصص التي حدثت ، كانت لأحد الآباء الذي أعرفه عن قرب ، وكان شعلة نشاط ودائم الابتسامة وحاضر النكتة . هذا الرجل أنتهت حياته تقريباً بعد وفاة أبنه أثر حادث مروري مروع رغم مرور أكثر من عشرين سنة على ذلك الحادث . ناهيك عن عشرات القصص لأمهات وزوجات وأطفال ، إنهارت حياتهم وتحولت إلى جحيم بعد نعيم .
الميت لا يشعر بعد مماته بحال أهله ، ولم يكن يفكر في ذلك قبل تهوره . لكن بإمكان الجهات المعنية ، توظيف مثل هذه القصص الحزينة للتأثير على الشباب في المدارس والمسلسلات التلفزيونية . ولعل في تلك القصص ، ما يخيف الشاب المتهور مما سيتركه رحيله جراء استهتاره من ألم وحزن وتدمير لحياة والديه وزوجته وأطفاله وأحبابه . ولكم تحياتي .
كلام جميل ورائع…
نتمنى مع جميع أولياء الأمور ممن لديهم شباب في سن المراهقة ان يطلعوا على ماجاء في هذا المقال وتوجيه أولاده ونصحهم بقياده السياره بعقل وسلامه.
نسال الله ان يحفظ للجميع أبنائهم وبناتهم من كل شر وسوء..