مبادرة السعودية الخضراء.. خطوة ثابتة لخفض انبعاث الكربون
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
بدأت في مدينة دبي الإماراتية، الاثنين “الرابع من ديسمبر 2023″، فعاليات النسخة الثالثة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء بالتزامن مع انعقاد الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)؛ بهدف توفير منصة مهمة لمختلف الجهات المعنية من أجل مناقشة أفضل السبل المتاحة لتسريع وتيرة العمل المناخي.
وأطلق الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء – حفظه الله –، مبادرة السعودية الخضراء في عام 2021م؛ بهدف تفعيل مشاركة مختلف فئات المجتمع السعودي في الجهود الجارية للتصدي لظاهرة تغير المناخ، ودفع عجلة الابتكار المستدام، وتسريع رحلة الانتقال الأخضر.
وشهد المنتدى مشاركة عددٍ من المسؤولين السعوديين لمناقشة التقدم المستمر الذي تحرزه المملكة نحو تحقيق الهدف الوطني الطموح المتمثل في الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060م، إلى جانب تسليط الضوء على إسهام المملكة في تحقيق الأهداف المناخية العالمية من خلال تنفيذ أكثر من 80 مبادرة في القطاعين العام والخاص باستثمارات تزيد قيمتها عن 705 مليارات ريال (188 مليار دولار أمريكي)، لبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع.
وتمضي المملكة بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها المتمثل في خفض انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030م. وتستهدف المملكة الوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء بما يقارب 50٪ للغاز الطبيعي و50٪ للطاقة المتجددة بحلول عام 2030م، الأمر الذي سيسهم في استبدال ما يصل إلى مليون برميل مكافئ من الوقود السائل المستخدم حالياً.
وشهدت المملكة منذ عام 2022م، ربط مشاريع طاقة متجددة بسعة 2,100 ميجاوات بشبكة الكهرباء الوطنية، لتصل السعة الإجمالية لمصادر الطاقة المتجددة المستخدمة إلى 2,800 ميجاوات (2.8 جيجاوات)، أي ما يكفي لتزويد أكثر من 520 ألف منزل بالطاقة الكهربائية. ويمثل هذا الإنجاز زيادة بنسبة 300% في السعة الإجمالية، وخطوة مهمة تسلّط الضوء على التقدم المستمر الذي تشهده المملكة في مجال تسريع مسار التحول في قطاع الطاقة.
وبحلول نهاية عام 2023م، ستبلغ السعة الإنتاجية لمشروعات الطاقة المتجددة قيد الإنشاء أكثر من 8 جيجاوات. وبالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من المشاريع الإضافية بسعة 13 جيجاوات تقريباً في مراحل مختلفة من التطوير.
وفي إطار الجهود المستمرة لتحويل مزيج الطاقة الوطني، أطلقت المملكة عدداً من المشاريع الهادفة إلى تقليل الاعتماد على الوقود السائل واستبداله بالغاز لتوليد الكهرباء، وحتى شهر ديسمبر 2023م، تم تشغيل 4 محطات عالية الكفاءة تعمل بالغاز لتوليد الكهرباء بسعة إجمالية تقارب 5.600 ميجاوات.
كما تعمل المملكة حالياً على بناء محطات عالية الكفاءة مزوّدة بتقنيات احتجاز وتخزين الكربون، وتبلغ سعتها الإجمالية 8.4 جيجاوات تقريباً.
وتواصل المملكة كجزء من الاستثمار المستمر في تطوير أنواع الوقود المستقبلية، بإحراز تقدم ملموس في مشروع إنشاء أكبر معمل لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم في مدينة نيوم باستثمار إجمالي قدره 8.4 مليارات دولار. كما وقّعت المملكة عدداً من الاتفاقيات الثنائية مع مجموعة من الشركات العالمية في عام 2023م؛ بهدف التعاون في مجال إنتاج الهيدروجين النظيف والأخضر في المملكة وتصديره.
ونجحت مبادرة السعودية الخضراء منذ إطلاقها في زراعة 43.9 مليون شجرة، واستصلاح 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة في أنحاء المملكة، أي ما يزيد عن مساحة 146 ألف ملعب كرة قدم. ويسهم هذا التقدم المحرز في تحقيق هدف زراعة 10 مليارات شجرة خلال العقود القادمة، ويجري العمل حالياً على تنفيذ أكثر من 40 مبادرة تدعم الهدف المرحلي المتمثل في زراعة أكثر من 600 مليون شجرة واستصلاح 8 ملايين هكتار من الأراضي بحلول عام 2030م.
وكشفت المملكة في شهر أكتوبر 2023م، عن دراسة جدوى تفصيلية استمرت لمدة عامين؛ بهدف تنمية الغطاء النباتي في مختلف أنحاء البلاد شملت هذه الدراسة أكثر من 1.150 مسحاً ميدانياً جرى تنفيذها بالتعاون مع أكثر من 50 من أهم الخبراء ومن المقرر البدء بتنفيذ مشاريع التشجير واستصلاح الأراضي في عدد من المواقع، بما في ذلك غابات المانجروف والمستنقعات والغابات الجبلية والمراعي والمتنزهات الوطنية والوديان.
وسيتم تنفيذ خارطة الطريق المعتمدة على مرحلتين؛ تمتدّ المرحلة الأولى من عام 2024م حتى عام 2030م، وتَتَّبِع نهجاً قائماً على الطبيعة؛ لإعادة التأهيل البيئي، بينما ستبدأ المرحلة الثانية في عام 2030م، وسيتم خلالها العمل على استحداث نهج شامل يعتمد على الجهود البشرية وتطبيق الدروس المستفادة من المرحلة الأولى.
وستسهم جهود إعادة تأهيل البيئات الطبيعية بالمملكة في توفير فرص العمل ضمن مجموعة واسعة من القطاعات، ومكافحة التصحر وزحف الرمال، والحد من التأثيرات السلبية للعواصف الرملية، وتحسين جودة الحياة لسكان المملكة، كما ستستفيد مراكز المدن من زيادة الكثافة الشجرية التي ستسهم في خفض درجات الحرارة وتحسن جودة الهواء.
في الوقت الراهن، تبلغ نسبة المناطق البرية المحمية 18.1% ونسبة المناطق البحرية المحمية 6.49% من إجمالي مساحة المملكة. ويجري العمل على تنفيذ 5 مبادرات ستسهم في زيادة نسبة المناطق البرية المحمية إلى أكثر من 21% وزيادة نسبة المناطق البحرية المحمية إلى أكثر من 26% بحلول عام 2030م.
ومن خلال الجهود المستمرة لحماية المناطق البرية والبحرية، ستعمل مبادرة السعودية الخضراء على استعادة وحماية النظم البيئية والطبيعية، ودعم ازدهار الأنواع النباتية والحيوانية، بما يسهم في تعزيز جمال الطبيعية في مختلف أنحاء المملكة.
ومنذ إطلاق مبادرة السعودية الخضراء، تمت إعادة توطين 1,669 حيوانًا مهددًا بالانقراض مثل: المها العربي، وغزال الرمل، والوعل في المحميات الطبيعية بالمملكة حيث تساعد هذه الحيوانات على تعزيز التنوع البيولوجي، كما أنها تسهم بشكل كبير في تسهيل جهود إعادة إطلاق النمر العربي المهدد بالانقراض في الحياة البرية.
وشهدت المملكة في عام 2023م ولادة سبعة من صغار النمر العربي في إطار برنامج إكثار وحماية الأنواع المهددة بالانقراض في محافظة الطائف، الذي نجح بشكل كبير منذ انطلاقه في عام 2020م في مضاعفة أعداد النمور العربية في المحميات الطبيعية.
يذكر أن سلسلة حوارات مبادرة السعودية الخضراء التي انطلقت في نسختها الأولى يوم 30 نوفمبر، ستستمر حتى اليوم الختامي لمؤتمر “كوب 28” بتاريخ 12 ديسمبر. وتتيح هذه الحوارات التي تقام يومياً في الساعة 3:00 عصراً، منصة جديدة لمناقشة أحدث الاتجاهات المستقبلية في مجال الاستدامة، وكفاءة الطاقة، وغيرها من المواضيع.
كما سيكون معرض مبادرة السعودية الخضراء مفتوحاً للزوار يومياً حتى 12 من ديسمبر الجاري من الساعة 10:00 صباحاً ولغاية 9:00 مساءً، حيث يمكن للزوار الاطلاع على مجموعة واسعة من مبادرات العمل المناخي التي يتم تنفيذها في أنحاء المملكة، إلى جانب تسليط الضوء على التزام المملكة الراسخ ببناء مستقبل أكثر استدامة.