خربشة ومغزى
” بولس الرسول .. سيرة وأثر “
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
بولس الرسول هو الشخصية الاميز في أسفار العهد الجديد التي تضم الاناجيل الاربعة، والرسائل الملحقة. والأناجيل الاربعة هي ؛ متى ولوقا ومرقص ويوحنا. بل يرجح ان بولس (بولص)هو الذي اطلق مُسمى العهد القديم الذي يضم التوارة ذات الأسفار الخمسه؛التكوين ،الخروج ،اللاويين ،العدد ،التثنية. والتي تنسب الى موسى وميز العهد الجديد عن العهد القديم بهذا التوصيف.
ولد بولس في السنيّ الاولى من القرن الميلادي الأول في مدينة طرطوس في قليقليه التي تقع جنوب الأناضول على السواحل الجنوبية الشرقية لتركيا. ينتمي بولس لأسرة يهودية تحمل المواطنه الرومانية واسمه الأصلي شاؤول قبل التمسيح. الروايات تذكر انه كان مدافعا عن مبادئ الكهنة اليهود والفريسيين، ومعنى الفريسيون بالآرامية الابتعاد عن الخاطئين، وهم أحد طوائف اليهود لهم تشدد والتزام بتعاليم موسى، وفيهم حنق واقصاء لاتباع يسوع كما تواترت فيها روايات التاريخ واللاهوت. بولس او شاؤول تعلم على يدي حاخام يهودي فريسي اسمه غمالائيل ومعناه بالعبرية مكافأة الله.
بولس لم يرى يسوع شخصيا، ولكن تكاثرت المرويات انه تحول للمسيحية بناء على رؤيا عقلية في طريق رحلته من فلسطين إلى دمشق للقبض على المسيحيين الفارين من فلسطين. قال بولس عنها؛ بأن المسيح قد تراءى له وقاده إلى الإيمان به كما في (سفر أعمال الرسل 22 : 1 – 11). ومنذ ذلك التاريخ عمل بولس في نشر الديانة المسيحية، حيث كتب أربعة عشر رساله التي تم ضمها جميعا إلى الكتاب المقدس، وأُتخذت أساسا فيما بعد من خلال قرارات المجامع الكنسية المسكونية (العالميه) لتشكيل الديانة المسيحية بشكلها الحالي، والتي وصلت إلى حد نسبة الديانة المسيحية نفسها إلى بولس ولهذا أطلق عليها لقب ”مسيحية بولس”.
وتنقل بولس في أثناء تبشيره بالديانة المسيحية إلى عدة دول منها؛ قبرص، إنطاكية، أورشليم، سوريا، روما، إلى أن قتل في روما عام 62م كما ذكرت موسوعة الإنكارتا. ويوجد رأي آخر يقول بأنه استشهد في حريق روما أيام نيرون في يوليو 64م كما ورد في قاموس الكتاب المقدس. رفاته ضمها ضريح في الكنيسة البابوية للقديس بولس والتي تعتبر ثاني اكبر كنيسة بعد كتدرائية القديس بطرس في روما.
مدينة ”طرسوس” التي نشأ فيها بولس كانت مركزا هاما للعلم وللفلسفة الرواقية: Stoicism، وهي شيعة من الفلاسفة اليونان أتخذت رواق في السوق العام لنشر تعاليمها في الأخلاق.
كما نادت بوحدة الوجود ويعدون أنفسهم من اتباع سقراط، وقد ظهر تأثير هذه الفلسفة في كثير من تعبيرات بولس عن المبادئ المسيحية كما قال بهذا قاموس الكتاب المقدس(ص196). وهو ما يعني أن بولس كان ذا خلفية ثقافية ملمة بالفلسفة اليونانية إلى جانب إلمامه بالثقافة اليهودية(العهد القديم)بحكم كونه يهودي.
لفظة ”رسول” المضاف لأسم بولس هو لفظ أو لقب اختاره بولس لنفسه، ولا يعني أنه ”رسول” بالمعنى الحرفي للكلمة مثل موسى (عليه السلام)، وربما الكلمة الإنجليزية(apostle) والتي تعني ”حواري”وليس نبيا.
رسائل بولس الاربعة عشر هي أول أسفار العهد الجديد كتابة وقبولا، فأول ما كتب من العهد الجديد هو هذه الرسائل. وهذه الرسائل لم يعترف بها إلا في سنة 325م في مجمع نيقية التي تقع على الساحل الغربي للأناضول على بحر مرمره تسمى إزنيق حديثا.
الرسائل تحتوي علي العقائد والمبادئ والافكار المسيحية، وتركز عليها أي أنها تشتمل علي المبادئ اللاهوتية، والأسس العقائدية للدين المسيحي بصورة مفصلة. هذا بجانب أنها تحوي على الشرائع والعبادات التي يرتكز عليها الدين المسيحي.
الجدير بالذكر أن هذه الرسائل لم تذكر أي قول من أقواله السيد المسيح او إسناد موصول مروي لأي تعليم من تعاليمه، بل هي أقول وتعاليم بولس التي ركزت علي أمور لاهوتية وتعاليم خاصة بالسلوك الشخصي والأمور الدينيه ولم يكن بها شيء يذكر عن حياة المسيح أو تعليم من تعاليمه أو صلواته. والرسائل كتبت باليونانية ولم تكتب بلغة المسيح ولا لغة تلاميذه. وبما أن بولس كان اول كَتبَة الوحي الإنجيلي فقد كان واضع لغته اليونانية المكتوبة.
العقيدة الأساسية التي بشر بها بولس هي عقيدة الخلاص، هذه العقيدة أخضع اليها كل أعمال وحياة المسيح حتى اصبح المسيح المخلص هو أبن الله الذي تجسد وصلب وقام من أجل خلاص البشر.
اتين جيلسون الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي المُتوفى عام 1978م يقول؛ إن القديس بولس هو الذي أرسي القواعد التي أقيم عليها بناء الفكر المسيحي كله. وأن المفكرين المسيحين الذين جاءوا بعده لم يفعلوا شيئا أكثر من استخراج النتائج المترتبة
على هذه القواعد.