الأكثر عرضة للاكتئاب.. النباتيون أم آكلو اللحوم؟!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
إن الطب النفسي الغذائي هو أحد مجالات الطب التي تم استلهامها من أهمية النظام الغذائي وتأثيراته على الصحة النفسية. في الأساس، تؤثر الأطعمة التي يستهلكها الإنسان على جميع جوانب صحته، بما يشمل الصحة العقلية. على سبيل المثال، ثبت في العديد من التحليلات البحثية الحديثة، التي تدرس وتحلل دراسات متعددة، أن ما يأكله المرء يرتبط بخطر الإصابة بالاكتئاب.
وبحسب ما ورد في تقرير نشره موقع Live Science، ارتبطت الأنماط الغذائية التي تتميز بتناول كميات كبيرة من الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة والأسماك وزيت الزيتون ومنتجات الألبان قليلة الدسم ومضادات الأكسدة وقلة تناول الأطعمة الحيوانية بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.
على العكس من ذلك، يرتبط النمط الغذائي الذي يتميز باستهلاك مرتفع من اللحوم الحمراء و / أو المصنعة والحبوب المكررة والحلويات ومنتجات الألبان عالية الدسم والزبدة والبطاطس والمرق الغني بالدهون وانخفاض تناول الفواكه والخضراوات بزيادة خطر الاكتئاب.
وبالتالي، فإن النتائج التي توصلت إليها دراسة حديثة تتناقض مع افتراض شائع من خلال التأكيد على أن النباتيين يعانون من نوبات اكتئاب أكثر من الذين يتناولون اللحوم.
ونشرت دورية الاضطرابات العاطفية “Journal of Affective Disorders” دراسة هذا الشهر توصلت نتائجها إلى أن النباتيين كانوا أكثر عرضة بمرتين للإصابة بنوبات الاكتئاب مقارنة بآكلي اللحوم.
وفحصت الدراسة 14216 بالغًا في البرازيل تتراوح أعمارهم بين 35 و74 عامًا. واستخدمت استبيانات تكرار الطعام لتحديد ما إذا كان الأشخاص يتبعون نظامًا غذائيًا بلا لحوم، واستخدمت أدوات التشخيص لتحديد ما إذا كان أي من المشاركين يعاني من الاكتئاب.
وبعد تحليل البيانات، خلص الباحثون إلى أن النظم الغذائية الخالية من اللحوم كانت تؤدي إلى المعاناة من ضعف نوبات الاكتئاب بالمقارنة مع من يتناولون اللحوم.
وكانت العلاقة بين النظام الغذائي والاكتئاب مستقلة عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية وعوامل نمط الحياة مثل التدخين ومستويات النشاط البدني ومؤشر كتلة الجسم BMI.
ولم تكن الدراسة مقنعة تمامًا، وذكر باحثون في أنحاء العالم أن الدراسة مصممة لتحليل البيانات بدلاً من إجراء تجربة مضبوطة، مما يجعل من المستحيل استنتاج ما إذا كان النظام الغذائي الخالي من اللحوم يسبب الاكتئاب.
واكتشف الباحثون، على وجه التحديد، أن سوء جودة النظام الغذائي ارتبط إلى حد ما بارتفاع معدلات الاكتئاب. ولكن لم يتم شرح أو تفسير الارتباط بشكل كامل.
في ضوء ما سبق، دارت تساؤلات حول ما يمكن أن يفسر الارتباط بين النظم الغذائية النباتية والاكتئاب؟ وهل هناك آلية غير غذائية ربما تكون السبب وراء تلك العلاقة؟ ورجح الخبراء أن الاكتئاب ربما يكون مرتبطًا بزيادة احتمالية أن يصبح الشخص نباتيًا وليس العكس، وفقا لما يلي:
السبب الأول: من الشائع أن يتسبب الاكتئاب في الشعور بالذنب بالإضافة إلى الميل إلى التفكير في الأفكار السلبية. يتم التعامل مع الحيوانات بما يمكن أن يراه البعض قسوة أثناء عمليات إنتاج اللحوم. إن الحقيقة المزعجة للمسالخ ومزارع تربية المواشي ربما تنعكس على الأرجح على الأشخاص المكتئبين بشعور من الذنب حيال دورهم في تناول تلك المنتجات.
السبب الثاني: من الممكن أيضًا أن يؤدي التخلي عن اللحوم إلى الاكتئاب من خلال وسائل أخرى غير نقص التغذية. حتى لو لم يكن هناك نقص في “المغذيات السعيدة” في النظام الغذائي النباتي، فإن تناول اللحوم يمكن أن يسبب الاكتئاب بطرق أخرى. على سبيل المثال، ربما يؤثر النظام الغذائي النباتي على علاقات المرء مع الآخرين والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية وقد يرتبط أحيانًا بالإثارة أو أشكال أخرى من الإقصاء الاجتماعي
إن هناك العديد من التفسيرات المحتملة للعلاقة بين النباتية والاكتئاب. لكن تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن التغذية النباتية لا تساهم في الإصابة بالاكتئاب، وإنما يمكن أن تساهم التجربة الاجتماعية النباتية في الاكتئاب، ومن المرجح أن يزيد الاكتئاب من احتمالية أن يصبح الشخص نباتيًا، أو ربما يتأثر النظام النباتي والاكتئاب بمتغير ثالث، مثل التعرض للقطات لصناعة اللحوم يراها البعض عنيفة.
ومن ثم فإنه من الممكن ألا يكون النباتيون والاكتئاب سببًا في حدوث الآخر ولكن هناك عامل ثالث يسبب كليهما. يمكن أن يكون السبب المحتمل هو عبارة عن عدد من الخصائص أو التجارب المرتبطة بالنباتية والاكتئاب