الرأي , خربشة ومغزى
تجارة العرب في التاريخ القديم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
التاريخ القديم شهد للعرب تجارة ذات أثر مع الأمم الأخرى، سواء في الجزيرة العربية أو غيرها. وكانت اليمن إحدى بلاد العرب لها أثر تجاري؛ وذلك لموقعها الذي يتوسط جغرافية الأمم آنذاك، ولما امتاز به كذلك أهل اليمن في التواصل مع الآخرين. اليمنيون كانوا يستجلبوا من الهند الحاصلات والمصنوعات ويروجونها إلى فراعنة مصر والفينيقيين في صور وصيدا وجبيل، وكذلك يفعلون مع البابليين والكلدانيين في وادي الرافدين، وتعتبر جزيرة سقطرى وعدن ومسقط وحصن غراب (قنا) بحضرموت أهم محطات تجار اليمن حينها.
القوافل التجارية العربية في العهود القديمة كانت خاضعة لنظام حماية بوجود مخافر على الطرق الرئيسة، تتولاها قبائل عربية بأُجُور خاصة لأجل أمن الخطوط التجارية.
أسفار التوراة ذكرت تلك القوافل والتي اشترت إحدها يوسف النبي عليه السلام، وتم نقله مع البضائع الذاهبة إلى مصر، وكذلك أشارت التوراة في سفر حزقيال إلى اسم العرب ورؤساء قيدار وتجار عدن وغيرهم. قيدار – كما تذكر النقوش – كانت لها ملكة عربية تحكم تُدعى زبيبة، وعاصمة بلادها دومة الجندل (الجوف حاليا)، هذه الملكة خَلفت الملكة شمس في المئة الثامنة قبل الميلاد التي عاصرت سرجون الأكدي الثاني.
والكتاب المقدس – التوراة – أشار في أكثر من موضع إلى الملوك والممالك في البادية وأن لهم تجارة مزدهرة، وذلك حينما خاطب النبي حزقيال (أحد أنبياء بني إسرائيل عند اليهود) مملكة صور الفينيقيه قائلا: “العرب وجميع رؤساء قيدار يتجرون معك في الضأن والكباش والماعز، بهذه الأشياء تعاملوا معك تجار سبأ وراعمه يتجرون معك بكل عطر طيب وبكل حجر كريم وبالذهب أقاموا أسواقك”.
التاريخ القديم يذكر معاهدة بين العرب والرومان رتبت شؤون تجارة الوفود الذين يرحلون من الإسكندرية إلى بلاد حمير والحبشة، لما كان عليه العرب من نشاط بارز في القرن السابع قبل الميلاد.
تجارة العرب تنقل الذهب والحجارة الكريمة والقصدير والعاج وخشب الصندل والأفاوية والتوابل والقطن من الهند، وريش النعام والعاج والذهب والعطور والأطياب والأبنوس من شواطئ إفريقيا الشرقية، وألبان والبخور والمر واللادن وبعض الحجارة الكريمة من اليمن، والعود من سقطرى، واللؤلؤ من البحرين.
طريق البخور عرفته القوافل العربية قديما كمعبر تجاري دولي يربط الشرق والغرب، يبدأ من سواحل اليمن على بحر العرب إلى شمال البحر المتوسط، مرورا باليمن وجنوب الجزيرة العربية، وينقسم إلى طريقين: أحدهما يتجه إلى نجد بعدها العراق وفارس، والآخر يتجه إلى شمال الجزيرة العربية مرورا بمدينة البتراء بالأردن وبعدها فلسطين.
القرآن الكريم ذكر رحلة الشتاء والصيف التي كانت تمارسها قريش؛ حيث تقع مكة على طريق البخور، وقد كان هاشم بن عبد مناف والد جد النبي محمد عليه الصلاة والسلام له تجارة عظيمة بغزة التي تُوفي ودُفن فيها، وهو الذي أسس “الإيلاف”، وهي العقود التجارية بين قُرَيْش وبين الجهات التي يتاجرون معها هذا الإيلاف ذكره القرآن في سورة قُرَيْش.
اقول للقارئ انت امام كاتب عملاق ينثر درر في الفكر والادب والتاريخ فستمتع