بودي اليوم أن يمتنع الأتباع وأصحاب العقول المؤجرة عن الدخول إلى نقاشي الثنائي مع الشيخ الدكتور محمد العريفي، لأنني وبكل بساطة: لا أتناقش معه اليوم في فتوى أو مسألة فقهية. أنا أناقشه في مسألة إدارية حياتية تنظيمية حول تغريدته الأشهر وهو يقول: (إن حج هذا العام هو الأسوأ وإن “بعض الحجاج” قد نقلوا له بعض المشاكل حول سير الحج). وبالطبع تكشف اللغة واختيار المفردات منطق ومنطلقات القائل بها. حديثه عن (الأسوأ) يشير إلى أنه يحج كل عام ما بين التنظيم (السيئ) إلى الأعلى منه في التوصيف اللغوي. أما تالي التغريدة حين يتحدث عن (بعض الحجيج) الذين نقلوا إلى مسامعه بعض مشاكل التنظيم، فهذا أمر بدهي: محمد العريفي يحج كل عام في برامج (الذوات) الذين يتنقلون بين المشاعر المقدسة وكأنهم يتنقلون من حارة إلى أخرى. وحتى في ملابس الإحرام وزحمة الملايين لا يفقد هؤلاء شيئا من الأناقة والشياكة. لكن الجميل جدا أنه يقول إن بعض الحجاج نقلوا إليه بعض المشاكل وهنا يشكر لاتصال الذروة بالقاع وكأننا نناقش زحمة سوق شعبي مزدحم لا فريضة حج بثلاثة ملايين نسمة!

أخي محمد العريفي: سأقول لك ما لا تعلم عن التنظيم الإداري البحت، لا عن المناسك والمشاعر. سأقول لك ما يلي: الحج هو بالضبط عملية تسيير حشود بثلاثة ملايين نسمة في كتلة بشرية واحدة إلى خمسة أماكن محددة في المسافة الزمنية القصيرة من صباح عرفة إلى صباح العيد. الحج أخي محمد العريفي هو أيضا نقل ثلاثة ملايين نسمة في كتلة بشرية واحدة إلى تسعة أماكن واضحة محددة في الفترة الزمنية القصيرة من يوم التروية إلى ثالث أيام التشريق. كل هذه المعلومات المدهشة الصارخة قد لا يعرفها حاج (اللاندكروزر) ولكنها معلومة يتعب لأجلها مائة ألف جندي مؤمن مسلم وتعرفها حكومة تحملت مسؤوليتها كاملة وتصرف بالبرهان 22 مليار ريال في الموسم الواحد. لكنك تأتي إلينا برجوازيا مغردا عن باب قطار لم يفتح أو عن صيانة استمرت لسبع عشرة دقيقة. نحن نحمد الله أن (بطارية) اللاندكروزر التي تنقل حجاج البرجواز لم تتعطل وإلا كيف سيكون موسم الحج ولغة التغريدة.

أخي محمد العريفي سآخذك للمقارنة: عدد الحجاج هذا الموسم يقارب عدد سكان واشنطن وضواحيها الفرجينية مجتمعة فكيف سيكون الوضع لو أن أميركا بكل قدراتها المذهلة قررت نقل كل سكان العاصمة إلى تسعة أماكن مختلفة في مجرد ثلاثة أيام من الزمن؟ طبعا كانوا سينقلون الذوات بالهيلوكوبتر فلا تستعجل. نحن لسنا أغبياء سذج كي لا نفهم القصد من لغة وتوقيت وزمن هذه التغريدة.

على الموسى

نقلا عن “الوطن”