الرأي
النداء الأخير ..
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
(من الصعب على من لا يسافر أن يغير الصورة المرسومة له سلفاً . لذلك كان لا بد لكل نبي هجرة )
عزت القمحاوي
يقضي المشاهير نصف أوقاتهم في البحث عن محتوى يحبس المتابعين خلف سناباتهم ، ولعل السفر إلى الأماكن البعيدة الباهضة أكثر الأشياء جاذبية فالغموض كما ذكر القمحاوي في كتابه غرفة المسافرين هو سبب من أسباب عشقنا للسفر بما ان السفر ولع يوحد البشرية . لكن مالم ينتبه له المشاهير أن النظرة للجمال لم تكن من نصيبهم النظرة الحقيقية والعميقة للمكان لأن عين الكاميرا هي من فعلت ، هم هنا أكثر من كونهم هناك هم محبوسين حول القلق على عدد المشاهدات و الهاشتاقات .
افكر دائماً في أول إنسان قرر الرحيل والسفر مالذي دفعه ؟ الجوع الألم غربة العلاقات فقد عزيز تكثيف الوجود التأمل ؟ وكيف كان شعوره ؟ وهل وجد موطن آخر أو مات باحثاً عن ذاته ؟
مهما كانت الإجابة الدوافع لم تتغير عند الإنسان الطبيعي ، (فالسفر اكتشاف لأنفسنا أكثر مما هو اكتشاف للمكان المختلف ، حيث نصبح أكثر قدرة على التقدير الصحيح لمشاعرنا بعد الانتقال إلى عالم آخر . وعلى قدر السطحية التي تصبغ العلاقة بالناس والأشياء في السفر على قدر العمق الذي ينشأ بين الإنسان و ذاته ) ١.
ما أود قوله ليس علينا تذكير المسافر بما سيكشف السفر عنه فهو أول الأشخاص الذين سيشعرون بما نشعر تجاهه ، هو سيعرف ذاته أكثر من أي وقت مضى .
لذا أعتقد أن الضجيج الذي جاء من أكثر الجزر هدوء في العالم لم يكن في محله ، منحهم هاشتاقات لا تتوقف لأيام عمل غير موفق ، كانت المهمة ستكون أسهل لو تم إلغاء المتابعة لأن الإلغاء سيأخذهم للعدم الذي جاءوا منه مع صور مخزية حتى الفناء ، لكن المشكلة الحقيقة لم تكن بهن بل في الناس الذي يصرخون في النور ويتابعون في الظلام ، هل تصدق أن الناس يزدحمون أمام شاشة يكرهونها؟! هذا مايحدث الآن وهكذا تصنع التفاهة و المجتمع وقودها .
وهذا لا يعني أننا لا نشعر بتلك الزفرة الصادقة الخارجة من قلب الآباء و الأمهات وهم يشاهدون القيم تتحول لشيء غريب ومرفوض على يد متردية ونطيحة.
المالديف
كنت و مازلت اتسأل من يشكل الصورة للآخر المكان يشكل صورة للإنسان ام الإنسان هو من يشكل صورة للمكان؟
عندما يأتي ذكر (المالديف ) في محادثة ما هل سأتذكر شاطئ النجوم ؟ ام المتردية ونطيحتها؟
عندما تعود لتأمل قصص الأنبياء ابتدأ من سفينة نوح عليه السلام حتى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم يتبين لك أن السفر هو اكتمال لرحلة الإنسان في الحياة
، فعندما يأخذك السفر إلى النقص فأنت لم تترك مكانك بل سقطت منه ، وعندما تعود تعود فاقد قيمة الوجود .
على الركاب ربط الأحزمة استعداد للهبوط.
(١)غرفة المسافرين