الرأي , سواليف
بعد الرحيل
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لا أخفيكم أن خبر وفاة أستاذنا القدير محمد الوعيل – رحمة الله عليه – كان خبراً غير عادي بالنسبة لي؛ حيث لا زالت تداعياته الحزينة تؤثر على مزاجي وشخصيتي المتصالحة دوماً مع متغيرات الحياة . عملت مع ذلك الإنسان النبيل عقدين من الزمن، كان بالنسبة لي مدرسة جامعة لكل جماليات الحياة . تعلمت منه كيف نصنع النجاح في العمل الصحفي مهما كانت الإمكانات المتاحة لنا . تعلمت كيف أتغافل، كيف أسامح، كيف ابتسم في أصعب المواقف، وكيف أتعامل مع ما يحاك من خلفنا من مؤامرات وكيد وصيد في الماء العكر .
قال لي ابنه وأنا أعزيه : “أنت من يعزى في والدي”، وأضاف: “قبل وفاته بأيام ، ونحن بجانبه ، قال: إنه ينتظر قدوم الشهر الفضيل ليبارك لك يا أبا أريج، وقد حدد اسمك دون غيرك” .
واليوم وقد حلّ شهر رمضان المبارك دون أن يكون بيننا التواصل المعتاد كل عام، لا أملك إلا الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وأن يسكنه الله تعالى جنات النعيم .
في مجلس سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرت جنازة فأثنى الناس على صاحبها خيرا، فقال صلى الله عليه: ” وجبت وجبت وجبت ” ، ثم مرت جنازة أخرى فإذا بألسن الناس تذكره شرا ، فقال عليه الصلاة والسلام ” وجبت وجبت وجبت ” . وحينها احتار الناس، فأوضح لهم : مَن أثنيتم عليه خيرًا، وجبتْ له الجنَّة، ومن أثنيتم عليه شرًّا، وجبت له النار، أنتم شُهَداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض.
نعم الناس شهداء الله في أرضه . ولعلنا نسترجع اليومين الأولين لرحيل أستاذنا “أبو نايف”، وما شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، من تفاعل ودعوات للراحل الكبير “أبو نايف” ، حيث كان ليومين متتاليين حديث الناس، بعد أن حقق خبر رحيله وردود أفعال المجتمع عليه ” ترند ليومين متتاليين ” . هؤلاء هم شهداء الله في أرضه . كنت أتمنى لو أنه كان على قيد الحياة، ليرى هذا التفاعل ، ويسمع تلك الكلمات، ويشاهد الوجوه المحبة له .
رحمك الله أيها الإنسان .. أيها القدوة … أيها الغالي .