الرأي , خلني أقول لك
علاقتي التاريخية بقناة (العربية) أصبحت على الحافة !
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
السبب؛ نصيحة من أطباء لاحظوا أن الأخبار السياسية هي المتهم الأول وراء تراجع صحتي في الشهور التسعة الأخيرة، فطلبوا مني أن أتوقف عن متابعة الأحداث وأن أغير اهتماماتي.
لقد حاصرني المرض بشكل قوي ثلاث مرات ، في مرتين منهم حملتني سيارة الإسعاف إلى المستشفى بسبب آلام الظهر المزمنة، وفي المرة الثالثة ؛ كانت هناك شبهات حول مشاكل في القلب استدعت عمل قسطرة وكانت النتائج مطمئنة ولله الحمد.
في زيارتي الأخيرة لمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخبر مررت بخطوات وإجراءات كثيرة لتشخيص أسباب ما أشكو منه وعند وصول الأطباء إلى مرحلة العلاج وجدتهم يقولون – مازحين – أنهم يضمنون لي الشفاء بشرط عدم مشاهدة قناة (العربية)، بعدما علموا أنها ظلت منذ نشأتها قبل 18 عاما مهيمنة على شاشة تلفزيون بيتي .
لاحقًا؛ عرفت أن أبنائي هم من حرضوا الأطباء علي وزعموا أن مشاهدتي للأخبار السياسية هي سبب قلقي وسهري وتعبي، ومن هنا جاءت نصيحتهم لي والتي تجاوزت منعي من مشاهدة قناة (العربية) إلى عدم متابعة الأخبار السياسية نهائيا واستبدال ذلك بما يجلب لي السعادة والفرح وينعكس إيجابا على الصحة والعقل والنفس.
الحق أني وافقتهم الرأي، فحاولت جهدي أن أنفذ النصيحة ، حيث شغلت نفسي بإعطاء الزراعة وتنسيق حديقة منزلي كل تركيزي، لكن الآم الظهر المزمنة أوقفتني عن ذلك، فلم يكن أمامي غير الاستسلام مرة أخرى لنداء الأخبار و المتابعات والسجالات التي لا تنتهي على الشاشات .. وكالعادة، كانت (العربية) ملاذي!
أقول ذلك ليعلم الزملاء والأصدقاء في (العربية) أنني من محبيها ومتابعيها وممن يدافعون دوما عنها باعتبارها واجهة مهمة لبلادنا، لكن هذا الحب والتقدير لا يمنعني من نصحها، بل ونقدها، طالما كنا جميعًا نبحث عن صالح هذا الوطن وعزة شعبه، خاصة في هذه المرحلة التي تستدعي من القناة أن تشمر عن ساعديها وتخوض معركة الإعلام التي لا تقل خطورة عن المعارك الأخرى التي تقودها بلادنا على أكثر من جبهة عسكرية ودبلوماسية.
بالطبع، لا نريد من (العربية) أن تساير (الجزيرة) أبدا بل نريد منها أن تحتفظ بهويتها الخاصة بها ولكن بروح أكثر احترافية وعمق وحيوية وقدرة على المواكبة عند وقوع الأحداث الكبرى، مع إدارة الحدث بنمط غير تقليدي يختلف نهائيا عن الطريقة التي يتم بها تقديم نشرات الاخبار اليومية .
في ظني أن (العربية) بحاجة ماسة وشديدة في المرحلة الحالية إلى غربلة شاملة وكبيرة في كل مناحيها بدءا من سياسة التحرير، البرامج، العناصر البشرية خاصة المعدة للمحتوى، وصانعة المواد والأفكار، والمذيعين والمراسلين، والضيوف من المحللين والمعلقين.
تقديري أن وفاء ( العربية) بدورها في معركة الإعلام يحتاج منهج عمل يمكنها من التأثير والضغط والتوجيه لتحقيق أهداف، وإيصال رسائل محددة، تصب في صالح الوطن، وتصنع رأيا عاما، أما الاكتفاء بالمتابعة وعرض وجهات النظر والآراء المختلفة، فهو أقل من توقعاتنا ولا يتناسب مع مكانة القناة في قلوبنا.. حتى لو كانت هذه القلوب متعبة بسببها !.